ما هو القانون الدولي الإنساني؟
القانون الدولي الإنساني هو فرع من القانون الدولي العام المُطبق في أوقات النزاع المسلح، وهو عبارة عن مجموعة من القواعد التي تنظم العلاقات بين دولتين أو أكثر، وهو يختلف عن القانون المحلي الذي يتعلق بمجموعة القواعد المطبقة داخل دولة معينة، ويتضمن القانون الدولي العام ما يلي:
- المعاهدات والاتفاقيات الملزمة بين الدول.
- القواعد الدولية العرفية التي تشير إلى الأعراف والممارسات التي تطورت مع مرور الوقت من خلال الممارسات المتسقة والعامة التي تضعها الدولة، وتعتبر مقبولة باعتبارها إلزامية بسبب مبدأ “الاعتقاد بإلزامية الممارسة و ضروريتها”، فهذه الممارسات ملزمة بموجب القانون، وبالتالي تعتبر قواعد القانون العرفية ملزمة قانونًا.
- المبادئ العامة للقانون الدولي.
- السوابق القضائية.
تشير مصطلحات “القانون الدولي الإنساني” و “قانون النزاعات المسلحة” و”قوانين الحرب” جميعها إلى المجال القانوني الذي يحكم النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ودائما ما تستخدم القوات المسلحة القانونين الأخيرين، بينما تستخدم جهات فاعلة أخرى مثل المنظمات الإنسانية القانون الدولي الإنساني أساسًا.
ما أهمية القانون الدولي الإنساني؟
يسعى القانون الدولي الإنساني إلى حماية الأشخاص والممتلكات المتضررة أو المعرضة للضرر نتيجة للنزاعات المسلحة، ويفرض القانون قيودًا على أساليب الحرب والوسائل التي يمكن أن تستخدمها أطراف النزاع، فيُطبق القانون الدولي الإنساني بمجرد بدء النزاع المسلح بغض النظر عن الحجج المتعلقة بشرعية النزاع نفسه أو غير ذلك.
أهداف القانون الدولي الإنساني
- الحماية
يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية للأشخاص الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها، ويوفر حماية خاصة للنساء والأطفال والعاملين في المجال الإنساني والصحفيين والأعيان المدنية.
- تنظيم سير الأعمال العدائية
يخضع سير الأعمال العدائية للمبادئ التالية:
- مبدأ التمييز، وهو حجر الزاوية للقانون الدولي الإنساني وينص على أنه يجب على أطراف النزاع في جميع الأوقات التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين، وكذلك بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية من أجل حماية السكان المدنيين والممتلكات المدنية.
- مبدأ التناسب الذي يحظر الهجمات التي يتوقع منها أن تتسبب بصورة عارضة في إلحاق خسائر في أرواح المدنيين، أو إصابتهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، أو في مجموعة من هذه الخسائر والأضرار، وتكون مفرطة في تجاوز ما يُنتظر أن تسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
- يحق للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو لم يعودوا قادرين على المشاركة فيها أن يحظوا باحترام حياتهم وسلامتهم الجسدية والعقلية، ويجب في جميع الظروف حماية هؤلاء الأشخاص ومعاملتهم بإنسانية، دون أي تمييز ضار على الإطلاق.
- يُحظر استخدام الأسلحة أو أساليب الحرب التي من المحتمل أن تسبب خسائر لا داعي لها أو أضرار مفرطة.
- وأخيرًا، مبدأ الاحتياط الذي يتطلب بذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية من أجل تفادي السكان المدنيين والأعيان المدنية، ويجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب الخسائر العرضية أو الإصابات والأضرار التي تلحق بالمدنيين والأعيان المدنية أو تقليل حجمها.
إمكانية تطبيق القانون الدولي الإنساني
وكما ذكر أعلاه، لا يُطبق القانون الدولي الإنساني إلا في حالات النزاع المسلح، ولا ينطبق على التوترات أو الاضطرابات الداخلية أو على أعمال العنف الفُرادى، وينطبق بالتساوي على جميع أطراف النزاع بغض النظر عمن بدأ هذا النزاع.
تعريف النزاع المسلح
لا تُعرف اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩ و البروتوكولان الإضافيان لعام ١٩٧٧ مصطلح “النزاع المسلح”، بينما قدمت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة تعريفًا للنزاع المسلح في قرار استئنافات تاديش بشأن الاختصاص، حيث قررت دائرة المحكمة بأنه “…يقوم نزاع مسلح كلما تم اللجوء إلى استخدام القوة المسلحة بين الدول أو إلى عنف طويل الأجل بين السلطات الحكومية والجماعات المسلحة المنظمة أو بين هذه الجماعات المسلحة داخل الدولة “.
ويوضح هذا الوصف أنه يجب أولاً تقييم الوضع لتحديد ما إذا كان هناك نزاع مسلح أم لا، أما الخطوة الثانية تتضمن وصف وضع النزاع الذي حسب التعريف أعلاه يمكن أن يكون إما نزاع مسلح دولي أو نزاع مسلح غير دولي أو مزيج منها، وفي حين يقع النوع الأول من النزاع بين الدول، فإن الآخر يقع بين قوات الدولة والجهات الفاعلة غير الحكومية مثل الجماعات المتمردة والميليشيات وما شابه.
تعتبر عملية تقييم وضع النزاع ووصفه مهمة للغاية نظرًا لوجود عواقب قانونية وعملية – بما في ذلك مجموعة القواعد المطبقة – تنبع من التأكد مما إذا كان النزاع دوليًا أم غير دولي.
كيفية إنفاذ القانون الدولي الإنساني؟
يتم إنفاذ القانون الدولي الإنساني بطرق مختلفة، بما في ذلك:
- التزامات الدول
تلتزم الدول باحترام القانون وضمان احترامه، وتلتزم أيضًا بتعليم قواعد القانون الدولي الإنساني لقواتها المسلحة ولعامة الناس، ويقع على عاتقها واجب قمع الجرائم من خلال ضمان منع الانتهاكات أو معاقبة مرتكبيها في حالة حدوثها، ويجب على الدول أيضًا سن تشريعات تنص على فرض عقوبات جزائية فعالة لمن ينتهك اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الإضافيين انتهاكًا جسيمًا، ويُشار إلى هذه الانتهاكات على أنها جرائم حرب، ويجب على الدول أيضًا تقديم المساعدة فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية التي تشمل تسليم المشتبه بهم للمحاكمة.
- العمليات المحلية والدولية
تلتزم الدول بموجب مبدأ التكامل بمحاكمة الجناة في محاكمها المحلية، ومن المتوقع أن تسن تشريعات تمكن من إجراء هذه الملاحقات القضائية. وعندما تكون الدولة غير قادرة على محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية (جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الإبادة الجماعية) أو غير راغبة في ذلك، فيمكن للمحاكم الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية أو غيرها من الآليات محاكمة أولئك المتهمون بارتكاب هذه الانتهاكات.
تنفيذ حكومة السودان للاتفاقيات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني
صادق السودان على اتفاقيات جنيف الأربعة (أصبح السودان دولة طرفًا في عام ١٩٥٧) وطرفًا أيضًا في البروتوكول الإضافي الأول لعام ١٩٧٧ (إنضم إليه في ٧ مارس ٢٠٠٦) وفي البروتوكول الإضافي الثاني (إنضم إليه في ١ ٣ يوليو ٢٠٠٦)، كما سن تشريعات ذات صلة بمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية مثل القانون الجنائي لعام ١٩٩١ (بصيغته المعدلة في عام ٢٠٠٩) وقانون القوات المسلحة (بصيغته المعدلة في عام ٢٠٠٧).
نقاط الضعف والتحديات التي تحول دون تطبيق القانون الدولي الإنساني
للأسف، غالبًا ما يُنتهك القانون الدولي الإنساني في جميع حالات النزاع، ولا تتصدى دائمًا المحاكم المحلية أو المحاكم الدولية لهذه الانتهاكات، وتتمثل التحديات الرئيسية في عدم احترام القانون وضعف الأطر المؤسسية لضمان إنفاذه، وتشمل التحديات الأخرى الافتقار إلى الإرادة السياسية لإجراء ملاحقات قضائية ولاسيما المتعلقة بحدوث انتهاكات، بالإضافة إلى عدم تقديم تدريبات كافية للقوات المسلحة أو الجماعات المسلحة مما يؤدي إلى عدم فهم قوانين الحرب وأعرافها ونقص الخبرة فيه، وقد يتجاهل أطراف النزاع أحيانًا القانون عن عمد، مما يجعل المدنيون الضحايا الرئيسيون في أوقات الحرب لاسيما مع محدودية حيز المساعدات الإنسانية.
وعلى الرغم من عدم احترام القانون الدولي الإنساني بصفة دائمة، إلا أنه لا يزال يُطبق في جميع الأوقات أثناء النزاع المسلح ويعتبر نظامًا قانونيًا فعالًا، وثمة دور يضطلع به المجتمع المدني والمتخصصون في العمل الإنساني والأمم المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى الذين يمكنهم جميعًا المساهمة في تعزيز احترام القانون.
تلخيص ما سبق في نقاط رئيسية
- لا يُطبق القانون الدولي الإنساني إلا في حالات النزاع المسلح.
- يتألف القانون الدولي الإنساني من مجموعة من القواعد التي تسعى إلى حماية الأشخاص والممتلكات المتضررة أو المعرضة للضرر نتيجة للنزاعات، وفرض قيود على وسائل الحرب وأساليبها.
- السودان دولة طرف في اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩ وطرف أيضًا في البروتوكولين الإضافيين لعام ١٩٧٧، وقد سن السودان القانون الجنائي لعام ١٩٩١ (بصيغته المعدلة في عام ٢٠٠٩) وقانون القوات المسلحة (بصيغته المعدلة في عام٢٠٠٧)، وهذه القوانين ذات صلة بمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية.
- يتم إنفاذ القانون الدولي الإنساني من خلال الالتزامات المنصوص عليها في اتفاقيات القانون الدولي الإنساني التي تُلزم الدول باحترام القانون وضمان احترامه من خلال العمليات المحلية والدولية مثل المحاكمات الجنائية.
- غالبًا ما يُنتهك القانون الدولي الإنساني في جميع حالات النزاع، ولا تتصدى المحاكم المحلية أو المحاكم الدولية لهذه الانتهاكات، وتتمثل التحديات الرئيسية التي تحول دون تطبيق القانون في عدم احترام القانون وضعف الأطر المؤسسية لضمان إنفاذه.
- على الرغم من عدم احترام القانون الدولي الإنساني بصفة دائمة، إلا أنه لا يزال يُطبق في جميع الأوقات أثناء النزاع المسلح ويعتبر نظامًا قانونيًا فعالًا.
روابط ومواد مفيدة للإطلاع (باللغة الإنجليزية والعربية)