المحكمة الجنائية الدولية هي المحكمة الدولية الدائمة الوحيدة التي لها اختصاص قضائي بالتحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم الدولية ومقاضاتهم، ومن أمثلة تلك الجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان، وهي محكمة تعمل على أساس المعاهدات، وتتألف عضويتها من الدول التي وقعت وصدقت على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويوجد حاليًا ١٢٣ دولة طرفًا في نظام روما الأساسي.
وبتحقيق فيما أصبح يسمى “بالجرائم القضائية الأساسية” ومقاضاة مرتكبيها، فإن المحكمة تسعى إلى “وضع حد لإفلات أخطر مرتكبي الجرائم من العقاب”، وتسهم في ردع ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل. والمحكمة الجنائية الدولية هي محكمة الملاذ الأخير؛ أي أن المحكمة يمكنها فقط التحقيق في الجرائم الدولية ومقاضاة مرتكبيها عندما تكون المحاكم الوطنية لا ترغب أو غير قادرة على القيام بذلك، وبالتالي، فإن دورها هو استكمال وليس استبدال للمحاكم الوطنية. وفي السنوات الأخيرة اقترح المجتمع المدني -من بين آخرين- توسيع الدور التكميلي للمحكمة من أجل تعزيز مفهوم “التكامل الإيجابي”، حيث أن المحكمة الجنائية الدولية ستدعم بنشاط جهود السلطات القضائية للتحقيق في الجرائم الدولية ومقاضاة مرتكبيها.
يمكن للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق من خلال ثلاث آليات “تشغيل”، وهم:
بجانب هذه الآليات الثلاث، يمكن للدول غير الأعضاء أن تطلب من المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها القضائي على الجرائم المزعوم ارتكابها على أراضيها بموجب المادة رقم ١٢(٣) من نظام روما، كما حدث في حالتي أوكرانيا وكوت ديفوار.
يعود اختصاص المحكمة الجنائية الدولية زمنيًا إلى ١ يوليو ٢٠٠٢ وهو التاريخ الذي أصبحت المحكمة نافذة فيه، وتمارس المحكمة اختصاصها القضائي على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم العدوان عندما يرتكبها مواطني الدول الأعضاء أو على أراضي الدول الأعضاء أو في أي حالة حيث يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحالة للمحكمة على النحو المبين أعلاه.
بموجب نظام روما، لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الجرائم الدولية ومقاضاة مرتكبيها إلا إذا كانت الدولة المعنية غير نشطة أو بدلًا من ذلك غير راغبة أو قادرة على القيام بذلك، ويشار إلى هذا المبدأ باسم “التكامل” وهو منصوص في المادة رقم ١٧ في نظام روما. وستُمنع المحكمة الجنائية الدولية من التحقيق في الجرائم الدولية أو مقاضاة مرتكبيها مادام عمليات العدالة الجنائية المحلية “الحقيقة” تجرى على المستوى الوطني بالفعل، ويجب أن تكون هذه المحاكمات حقيقة، وليست محاكمات زائفة تسعى فقط إلى حماية الجناة من تدقيق المحكمة الجنائية الدولية، كما يجب تطبيق الإجراءات المحلية على نفس الأشخاص ونفس الجرائم المستهدفة من المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يضمن أن المتهم، مثلًا لن يتمكن من تجنب اتهام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بمجرد مثوله أمام محكمة وطنية لارتكابه جريمة أقل خطورة، كالفساد.
السودان ليس دولة عضو في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، وفي ٣١ مارس ٢٠٠٥، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم ١٥٧٣ بإحالة قضية دارفور للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
لدى المحكمة الجنائية الدولية حاليًا خمس قضايا نشطة متعلقة بالوضع في دارفور، وهم:
يظل السودان ملتزمًا بتسليم المشتبهين بهم الأربعة في قضية دارفور للمحكمة، هذا عملًا بالقرار رقم ١٥٧٣ والأوامر اللاحقة لقضاة المحكمة الجنائية الدولية.