الإجابة المختصرة هي لا، ولكن قد تؤسس واحدة في المستقبل، وبالقارة أربع محاكم إقليمية وهم: محكمة العدل الأفريقية، و المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والمحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان، والمحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب، وتعتبر المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب المحكمة الوحيدة المُفعلة حاليًا.
تأسست المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان رسميًا في عام ٢٠٠٨، ووُسع صلاحياتها في عام ٢٠١٤ لتشمل الجرائم الدولية على الرغم من إنها لا تزال تواجه عقبات قانونية وعملية وسياسية كبيرة تحول دون تأدية مهامها بفاعلية.
ينطبق الاختصاص القضائي للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على جميع القضايا المتعلقة بتفسير وتطبيق الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (الميثاق الأفريقي) والبروتوكول المنشئ للمحكمة وغيرهما من صكوك حقوق الإنسان الأخرى ذات الصلة التي صدَّقت عليها الدول المعنية، واُعتمد البروتوكول في ٩ يونيو ١٩٩٨ ودخل حيز التنفيذ في ٢٥ يناير ٢٠٠٤، وبدأت المحكمة الاضطلاع بمهامها في عام ٢٠٠٨.
تهدف المحكمة إلى حماية حقوق الإنسان في القارة الأفريقية، وهي ليست محكمة جنائية ولا تُحمل الجناة الأفراد المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبونها، بل تغطي صلاحياتها التزامات الدول على النحو المحدد في الميثاق الأفريقي وغيره من صكوك حقوق الإنسان ذات الصلة، فهي تتلقى شكاوى تختص بمسؤولية الدولة عن انتهاكات حقوق الإنسان وتصدر قرارات في هذا الشأن، وتتمتع المحكمة أيضًا بصلاحية إصدار آراء استشارية بناءً على طلب الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، أو الاتحاد الأفريقي نفسه أو أي من أجهزته أو أي منظمة أفريقية يعترف بها الاتحاد الأفريقي.
في حين أن الآراء الاستشارية الصادرة عن المحكمة هي تصريحات غير ملزمة، إلا أنها قد تساعد الهيئات التي تطلبها في تفسير معايير حقوق الإنسان المنصوص عليها في مختلف الصكوك.
عند تأسيس الاتحاد الأفريقي في عام ٢٠٠٠، أنشأت الدول الأعضاء محكمة العدل الأفريقية للبت في الخلافات التي تنشأ بين الدول وتفسير القانون التأسيسي للاتحاد. وتجنبًا لتحقق المخاوف المتعلقة بالتكاليف والكفاءة، قرر الاتحاد الأفريقي دمج مهام محكمة العدل الأفريقية مع مهام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (التي تأسست في عام ١٩٩٨) في محكمة إقليمية واحدة تعرف باسم المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان، وحدث ذلك في يوليو ٢٠٠٨ عندما اعتمد الاتحاد الأفريقي البروتوكول المتعلق بالنظام الأساسي للمحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان (بروتوكول الاندماج).
و استجابة للمخاوف بشأن تطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية، قرر الاتحاد الأفريقي في وقت لاحق في عام ٢٠١٤ منح المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان المزيد من الصلاحيات للبت في الجرائم الدولية وغيرها من الجرائم الخطيرة، واعتمد الاتحاد الأفريقي البروتوكول الخاص بتعديلات البروتوكول المتعلق بالنظام الأساسي للمحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان (بروتوكول الجرائم الدولية) في يونيو ٢٠١٤، وبالتالي تأسيس المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب.
ويجب أن تصادق ١٥ دولة عضو على البروتوكولات ذات الصلة لتأسيس أي من المحكمتين و تفعيلهما، وصادقت ثماني دول أعضاء على بروتوكول الاندماج اعتبارًا من فبراير ٢٠٢٢، في حين لم تصادق أي دولة على بروتوكول الجرائم الدولية.
وفي حال تفعيلها، ستتألف المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب من ثلاثة أقسام وهي: قسم الشؤون العامة، وقسم حقوق الإنسان والشعوب، وقسم القانون الجنائي الدولي، ويختص قسم الشؤون العامة بصلاحيات محكمة العدل الدولية، بينما يختص قسم حقوق الإنسان بصلاحيات المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ويُمكن قسم القانون الجنائي الدولي المحكمة من محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية سواء الأفراد أو الشركات.
ستمارس المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب المقترحة اختصاصها على قائمة كبيرة من الجرائم الدولية، و سيتجاوز الدور الذي تضطلع به مهام أي محكمة دولية أخرى أو محكمة جنائية مختلطة، ولم تقتصر سلطة المحكمة على مقاضاة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان فقط بل أيضًا إدانة أي تغيير غير دستوري للحكومة، ويتسع نطاق اختصاصها ليشمل محاسبة مرتكبي جرائم مثل القرصنة والإرهاب والارتزاق والفساد والاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية وغسل الأموال والاتجار بالبشر والمخدرات والنفايات الخطرة، ويتضمن بروتوكول الجرائم الدولية أيضًا المسؤولية الجنائية للشركات عن الجرائم الخطيرة، وهو بند يثير قلق القارة الأفريقية حيث تمثل الشركات لاعبًا رئيسيًا في العديد من الجرائم الخطيرة.
وباعتبارها محكمة إقليمية ذات اختصاص قضائي لمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية، فللمحكمة الأفريقية دور في التصدي للإفلات من العقاب على الجرائم الدولية في أفريقيا، وفي الوقت نفسه تستكمل الدور الذي تضطلع به المحاكم المحلية والمحكمة الجنائية الدولية. ومن الممكن أن تساعد أي محكمة جنائية إقليمية أفريقية في ضمان تحقيق المساءلة لاسيما للمجتمعات المتضررة وفي السياقات التي تفتقر فيها المحاكم الوطنية إلى القدرة أو الدعم السياسي لإجراء المحاكمات، ومن الممكن أن تساعد أيضًا أي محكمة جنائية أفريقية في الحد من الحجم الهائل من القضايا التي تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية. و تسطيع المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب أن تستكمل عمل المحكمة الجنائية الدولية من خلال محاكمة مجموعة كبيرة من الجناة والمساءلة عن الجرائم الخطيرة التي لم ينص عليها نظام روما الأساسي وذلك يرجع إلى تمتع هذه المحكمة بالعديد من الصلاحيات و بمعايير أقل تقييدًا لمقبولية القضايا، وعلى سبيل المثال إن تركيز المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب على الجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية يمكن أن يشجع الدول والهيئات الدولية على التواصل بفعالية أكثر مع نظيراتها من الهيئات الدولية الأخرى بشأن التحقيق في مثل هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها.
إن الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب تمكنها من تحقيق خطوات كبيرة فيما يتعلق بتوسيع نطاق القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، ومن ناحية أخرى فإن التحديات التي واجهتها المحكمة الجنائية الدولية في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بإدارة اختصاصاتها القضائية المحدودة نسبيًا، وكل ذلك مؤشر على مدى التعقيد والصعوبة التي قد تواجهها المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب في إدارة صلاحياتها الأوسع نطاقًا، ويُثبت صحة ذلك القائمة الطويلة من الجرائم التي تنظر فيها المحكمة الإفريقية للعدل وحقوق الإنسان والافتقار إلى وضع أولويات متعلقة بالقضايا التي يُنظر فيها أولًا.
وتعتبر التكلفة الباهظة الناتجة عن اللجوء إلى المحاكم الدولية إحدى هذه المخاوف، إذ يواجه الاتحاد الأفريقي بالفعل أزمة مستعصية في إيجاد التمويل الكافي، ولذلك إذا لم يقدم أعضاء الاتحاد الأفريقي الدعم المالي والسياسي القوي، فسيكون من الصعب إدارة المحكمة نتيجة للتكاليف الباهظة و التعجيزية.
بالإضافة إلى ذلك، ينص بروتوكول الجرائم الدولية على إعطاء الحصانة لرؤساء الدول وغيرهم من كبار المسؤولين في الدولة على أساس وظيفتهم خلال فترة ولايتهم (المادة ٤٦ أ مكرر)، ووجهت العديد من الانتقادات اللاذعة لهذا البند لأنه يعزز الإفلات من العقاب. وبما أن المحكمة لم تُفعل بعد، فسيُلقى الضوء على تتبع تطبيق هذا البند عمليًا وما إذا كان سيمنح المحكمة الجنائية الدولية السلطة القضائية الوحيدة على الفظائع المزعومة التي ارتكبتها شخصيات حكومية رفيعة المستوى، وينطبق هذا البند فقط على المحاكمات التي قد تجريها المحكمة الأفريقية للعدل وحقوق الإنسان والشعوب، مما يعني أن الجاني المتهم لا يمكنه رفع القضية أمام محكمة أخرى مثل المحكمة الجنائية الدولية أو الاعتماد على هذا البند لجعل قضايا المحكمة الجنائية الدولية غير مقبولة.
قد تهدأ مخاوف المنتقدين قليلًا عند علمهم بأن هذا البند لا ينطبق إلا أثناء وجود المسؤول في منصبه، وأنه لا ينبغي أن يحمي الشخص من المسؤولية الجنائية بمجرد انتهاء فترة ولايته، ولكن قد يثير ذلك التساؤل حول ما إذا كان هذا البند سيعطي شخصيات حكومية معينة حافزًا للاحتفاظ بالسلطة لتجنب التحقيق معهم ومحاكمتهم.