منذ تفجر القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، يعاني الاطفال انتهاكات جسيمة ومتنوعة من قبل جانبي الصراع، حيث قالت منظمة اليونيسف في تقرير لها “إن مليون طفل أصبح نازحا خلال النزاع الجاري وتم مقتل أكثر من ٣٣٠ طفلاً وإصابة أكثر من ١٩٠٠، وهنالك ١٣ مليون طفل في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية بما في ذلك الماء والصحة والتغذية والحماية.”
أشارت منظمة اليونيسيف إلى الوضع في دارفور مصدر قلق خاصة وإن انقطاع الاتصالات المستمر وقيود الوصول تعني أن المعلومات الموثقة حول الوضع محدودة، ولكن التقديرات تشير إلى أن حوالي ٥،٦ مليون طفل يعيشون في ولايات دارفور الخمسة، ومن المقدر أن نحو ٢٧٠,٠٠٠ طفل نزحوا حديثًا بسبب القتال.
والوضع في ولايتي غرب ووسط دارفور، على وجه الخصوص، يتميز بالقتال النشط ونهب إمدادات ومرافق الإغاثة – بحسب موقع المنظمة على الانترنت. كما أدى نقص المياه الآمنة إلى تعريض مئات الآلاف من الأطفال لخطر الجفاف والإسهال وسوء التغذية.
في الوقت الحالي، تؤشر التقديرات أن هناك ما لا يقل عن ١٤,٨٣٦ طفلًا دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية في ولاية غرب دارفور.
ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام بسبب المخاطر الصحية العامة، مما يؤدي إلى زيادة معدلات سوء التغذية بين الأطفال والأمهات المرضعات. في ولاية وسط دارفور، لا تعمل خدمات التطعيم وتم نهب وتدمير اللقاحات والإمدادات، مما يضع الأطفال في خطر كبير من الإصابة بالأمراض.
قدرت اليونسكو ان حوالي ١٩ مليون طفل في السودان هم خارج المدارس – مما يعني طفل واحد من كل 3 أطفال في البلاد – بجانب فقدان حوالي ٦.٥ مليون طفل إمكانية الوصول إلى المدرسة بسبب تزايد العنف وانعدام الأمن في منطقتهم، مع إغلاق ١٠,٤٠٠ مدرسة على الأقل في المناطق المتضررة من النزاع. بينما ينتظر أكثر من ٥.٥ مليون طفل يقيمون في مناطق أقل تأثراً بالحرب لحين تأكيد السلطات المحلية ما إذا كان من الممكن إعادة فتح الصفوف الدراسية أم لا.
وتقول مدير السودان لرعاية الاطفال ليلى مهدي “أن حرمان الاطفال من الالتحاق بالتعليم ستضرر منه اجيالا ويؤثر على مستقل الاطفال، واضافت لـ(السودانية) ان المحاسبة يجب ان تطال من تسببوا في هذه الحرب ومن قام بممارسة الانتهاكات على الاطفال.”
فيما يقول الخبير بالقانون الدولي المحامي منعم ادم لـ(السودانية) أن هنالك العديد من الانتهاكات وقعت على الاطفال خلال هذا الصراع وأن الطرفين لم يحترما القانون المحلي ولا الدولي الانساني الذي يحمي الاطفال خلال النزاعات رغم أن السودان تبنى الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته والاتفاقية رقم ١٨٢ الصادرة عن منظمة العمل الدولية.
وأضاف أن طرفي النزاع من بداية الصراع قاما باستغلال الاطفال كمخبرين ووقع العديد منهم في الاسر وتعرضوا للانتهاكات، مضيفا بان الاطفال من الشرائح المحمية باعتبارهم مدنيين غير حاملين للسلاح، ولكن لم يتم احترام هذا المبدأ، حيث وقعت انتهاكات واسعة في خرق واضح لبروتكول حماية ورفاهة الطفل الافريقي.
واشار منعم أن القانون الدولي يصنف الانتهاكات في حق الاطفال بانها جرائم حرب و القانون الدولي الإنساني سنة ١٩٧٧ نص في المادة ٧٧ من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف التي تنص “إلزام أطراف النزاع باتخاذ كافة التدابير الممكنة التي تكفل عدم اشتراك الأطفال؛ الذين لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشر في النزاعات المسلحة بصورة مباشرة، وعلى هذه الأطراف بالتحديد الامتناع عن تجنيد هؤلاء الصغار في قواتها المسلحة، ويجب على أطراف النزاع في حالة تجنيد هؤلاء ممن بلغوا سن الخامسة عشر ولم يبلغوا سن الثامنة عشر أن تسعى لإعطاء الأولوية لمن هم أكبر” . وأضاف أما بالنسبة للنزاعات المسلحة الداخلية، فإن البروتوكول الإضافي الثاني نص على ان “لا يجوز تجنيد الأطفال في القوات أو الجماعات المسلحة، ولا يجوز السماح باشتراكهم في العمليات العدائية.”
يشير الخبير بالقانون الدولي منعم آدم الى ان البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف سنة ١٩٧٧ في بنوده على أن الأطفال المقاتلين الذين يقعون في قبضة الخصم، يكونون موضع احترام خاص، ويتمتعون بحماية خاصة. وذلك انطلاقا من الفقرة الثالثة للمادة ٧٧ منه، التي تقول” إذا حدث في حالات استثنائية، أن اشترك الأطفال ممن لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشرة، في النزاعات المسلحة بصورة مباشرة، ووقعوا في قبضة الخصم، فإنهم يظلون مستفيدين من الحماية الخاصة التي تكفلها هذه المادة، سواء أكانوا أسرى حرب أم لم يكونوا.” وتقول مديرة مركز السودان لحماية الطفل ليلى مهدي “إنه يجب معاملة الأطفال بشكل خاص خلال الحروب ومنع الاعتداء عليهم واخذهم كرهائن وهم من الفئات المحمية بموجب القانون الدولي. ويستفيد الطفل من المبدأ القائم على عدم استهداف السكان المدنيين والهجوم عليهم.”
تقول مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة د. سليمة إسحاق ان “أي نوع من الصراعات تضع عبء أكبر على النساء والاطفال واحتمال تعرضهم للعنف كبيرة.” وأضافت لـ(السودانية) ان القتال يحرم ملايين الصغار، من الحصول على الخدمات الأساسية، وعلى رأسها التعليم والغذاء والرعاية الصحية، وذلك بعدما أدى تواصل المعارك في المناطق الآهلة بالسكان، إلى إجبار المدارس ودور الرعاية والمرافق الطبية والمحال التجارية، على إغلاق أبوابها، سواء جراء الدمار الذي لحق بها، أو إثر تعرضها لعمليات سلب ونهب.
وأضافت لـ(السودانية) ان الاطفال يفقدون حياتهم لعدم توفر الرعاية الصحية والولادة المبكرة والاجهاض وقالت ” فقدنا المستشفيات المخصصة لرعاية الاطفال وحتى أبسط التدخلات وهذا أدى لتعرضهم للقتل بسبب الانتماء العرقي مثل ما حدث في مدينة الجنينة.