يلعب خطاب الكراهية دورًا مهمًا في تأجيج الصراع المستمر في السودان، على مر التاريخ، كان لخطاب الكراهية تأثير عميق على البلاد، حيث يحرض على العنف بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة، في حالة السودان الوضع سئ، وافظع حيث قتل الآلاف بسبب خطاب الكراهية في ولاية غرب دارفور الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور ، باستهداف القبائل العربية الموالية للدعم لقبيلة المساليت.
تنتشر أنواع مختلفة من خطاب الكراهية في السودان، وتستهدف مجتمعات محددة على أساس العرق أو الدين، ويشمل ذلك اللغة، والخطابات اللاإنسانية، والدعوات إلى العنف ضد مجموعات معينة، ويتمثل تأثير خطاب الكراهية في تعميق الانقسامات داخل المجتمع، مما يخلق الخوف والعداء، كما أنه أعاق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والمصالحة.
اتهم المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان في شهر يونيو الماضي، مليشيا الدعم السريع بالتحالف مع قبائل عربية بجريمة قتل والي ولاية غرب دارفور، خميس عبد الله أبكر، بعد ساعات من اعتقاله من قبلها، ودعا المفوض في بيان تحقيق عادل وشفاف في القضية.
حينها عبر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التعبير عن صدمته وذهوله لمقتل والي غرب دارفور، خميس عبد الله أبكر، في ١٤ يونيو، بعد ساعات فقط من اعتقاله من قبل قوات الدعم السريع في الجنينة، عاصمة غرب دارفور – حيث اتخذ الصراع بعداً إثنياً- استهدفت ميليشيات الرزيقات “العربية” والميليشيات الأخرى المتحالفة معها، والمدعومة من قوات الدعم السريع، مجتمع المساليت.
جاء مقتل الوالي، الذي ينتمي للمساليت، بعد ساعات فقط من انتقاده لقوات الدعم السريع في مقابلة تلفزيونية بشأن الهجمات المستمرة التي تشنها الميليشيات “العربية” التي تحشدها قوات الدعم السريع ضد المساليت، والبنية التحتية الحيوية في الجنينة، وهو موقف حسب وصف الوالي خلال المقابلة بأنه “يفوق الوصف”.
يرى المتابعون أدى خطاب الكراهية إلى زيادة العنف في السودان من خلال زيادة العدوان والاعتداءات الجسدية والتشريد، وحتى الإبادة الجماعية، ومن نتائج هذا الخطاب أدى مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر ، بعد توجيه اتهامات لقوات الدعم باختطافه وقتله، بينما نفت القوات ذلك، قائلة إن مجموعة متفلتة تورطت في مقتله.
كذلك شددت الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى على ضرورة محاسبة الأفراد الذين يحرضون على الكراهية والعنف، وفي أغلب الأحيان يكون خطاب الكراهية في السودان مجهول المصدر عبر القنوات الإعلامية المختلفة، لذا تقع علي عاتق وسائل الإعلام مسؤولية ضمان عدم مساهمتها في نشر خطاب الكراهية.
في أغسطس ٢٠٢١أعلن مدير جهاز المخابرات الفريق أول جمال عبدالمجيد في تلك الفترة، اعتزامه مكافحة خطاب الكراهية، لدعم فرص السلام، والتحول الديمقراطي، وبناء المؤسسات في السودان، محاربة هذا الخطاب تتطلب تضافر جهود المجتمع المدني والإعلام، والشركاء الدوليين، ويعتبر واحدا من المهددات التي يجب التصدي لها، باعتبارها تستهدف القيم الاجتماعية.
مواجهة خطاب الكراهية .. الدور الوقائي للتعليم
يقول الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش في اليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية ١٨ يونيو ’’ لكننا بعيدون كل البعد عن العجز في مواجهة خطاب الكراهية، يمكننا ويجب علينا رفع مستوى الوعي حول مخاطره، والعمل على منعه ووضع حد له بجميع أشكاله‘‘.
ثقافة العنف المنتشرة في السودان
قال الباحث في مجال دراسات السلام، الدكتور عباس التجاني ان الحرب الحالية ارتفعت فيها خطاب الكراهية بطريقة غير مسبوقة في السودان، هذا نتاج لتراكمات خطاب الكراهية موجود في الفضاء العام، لثقافة العنف والحروب المنتشرة في السودان، موضحا أن الموروث الثقافي السوداني فيه عدم قبول، ما يولد خطاب كراهية، والتنافس الغير حميد علي السلطة، مجموعتي الصراع الجيش والدعم السريع تعمل علي توليد هذا الخطاب من خلال توصيف الآخرين، بألفاظ غير انسانية، وغير مقبولة، واظهر جديد في مسالة الأصيل والدخيل.
وأضاف عباس أن هناك تصورات مسبقة لطرفي النزاع من ناحية اجتماعية، ومسالة الهوية الاجتماعية، والثقافية تعتبر واحدة من المحركات والمحفزات في انتشار خطاب الكراهية، وتم استثمارها بشكل كبير في مسألة الصراع الحالي، موضحا ان هذا خلق مواقف، تحيزات، وزاد من حدة الاستقطاب الاثني، الجهوي والمناطقي علي المستوى المحلي، وازدياد العنف علي مستوى السوشيال ميديا، واصبح المزاج العام اصبح رافضا للاخر بشكل اكبر.
المؤسسات الرسمية ونشر خطاب الكراهية
بينما أضاف عبد الباسط الحاج المحامي والباحث القانوني أن قيام أي حرب خطط لها بخطاب كراهية مسبق، والاستعداد للحرب يتمثل في التجييش، و الاستقطاب والاستقطاب المضاد ما قبل الحرب، كل هذه العوامل في خلق أقطاب الصراع، والحرب لا تبدأ إلا إذا كان هناك خطاب كراهية، تاريخيا خطاب الكراهية موجود في السودان، وجزء من مؤسسات الدولة ساهمت في انتشار في خطاب الكراهية، سواء تم استخدامها بشكل واعي، او غير واعي، والتمييز العنصري والاستعلاء، والتصور المتمثل في التفوق العرقي واللوني، والثقافي.
قال عبد الباسط بعد الحرب تنامي خطاب الكراهية، بسبب العوامل الموجودة، ساهمت بظهور الخطاب إلى السطح، من خلال عملية الحرب التي تمثل أقصى مستوى من مستويات الكراهية، وتقود الى جرائم الابادة الجماعية، والدليل علي ذلك، ما وقع في دارفور في ٢٠٠٢، ٢٠٠٣، ٢٠٠٤، والان ٢٠٢٣، وهذا مؤشر ان هذا الخطاب موجود في وسط المجتمعات، عبر ميكانيزمات تتحرك بها، وجزء من هذه الميكانيزمات، مؤسسات العنف، مثل الدعم السريع التي كانت جزء من المؤسسة الرسمية، والتوجه الأحادي الثقافي.
اشار الي ان فترة الستة شهور للحرب، في ظل تنامي خطاب الكراهية يؤدي إلى اشتعال المزيد من الحروب في مناطق عديدة، في ظل استعداد غير طبيعي ينم عن الكراهية، والعداء غير حقيقي، لأن كل السودانيين متضررين من هذه الحرب، والحرب تم اشعالها لمصالح تخص أشخاص، ومصالح دول خارجية لديها مصالح في إضعاف وتدمير السودان، لنهب ثرواته وموارده، وينصح الشعب السودان بعدم خلق العداء مع بعضهم البعض، وهذه الحرب لن تقود لانتصار أي طرف.
هذه الحرب تدمر كل السودان، اضافة الي المشاريع الكبيرة والصغيرة، ويجب مخاطبة خطاب الكراهية من خلال الإعلام والعمل الموجه من جميع المؤسسات ذات التأثير وكذلك الأطراف في منظمات المجتمع المدني، وعليها العمل علي الحد من خطاب الكراهية عبر ضبط الخطابات السياسية، وخطاب طرفي النزاع، مع إدانة كل الخطابات التي تقود إلى مزيد من التشتت والتشرذم.
التدابير التشريعية
في وقت سابق من هذا العام، كشف الخبير القانوني الدكتور عبد السلام سيد أحمد عن تدابير تشريعية وقانونية وسياسية واجتماعية لمناهضة خطاب الكراهية والعنصرية، تساعد في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة في المجتمع السوداني، اضافة انه موجود بدرجات مختلفة تنخفض وترتفع، هي واحدة من القضايا المسكوت عنها والناس لا تريد الاعتراف بالمشكلة.
الدور الوقائي للتعليم
نظرا لأن بيئات الإنترنت أصبحت غرف صدى لخطاب الكراهية ، فقد أصبح تعزيز محو الأمية الرقمية كجزء من تعليم المواطنة العالمية أكثر أهمية من أي وقت مضى، لذا يصبح التصدي لخطاب الكراهية، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية، أسهل عندما يكون المرء مجهزا بالمعرفة، والمهارات الكافية لتحديد خطاب الكراهية ومواجهته.
في ذات الوقت، تقدم حملة الأمم المتحدة لا للكراهية رؤى حول كيفية التعليم وتبادل المعرفة حول القضايا المتعلقة بمعالجة خطاب الكراهية.
وتؤكد استراتيجية الأمم المتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية على القوة التحويلية للتعليم كأداة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة ودوافعها، وهي تسعى إلى تعزيز مجتمعات سلمية، وشاملة ، وعادلة للجميع، بما يتماشى مع خطة عام ٢٠٣٠ وأهداف التنمية المستدامة.
منصات التواصل الاجتماعي .. وخطاب الكراهية
قال فرناند دي فارين مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا الأقليات عام ٢٠٢٠ ’’ الأقليات هي الهدف الأكثر احتمالا لخطاب الكراهية عبر الانترنت، وهذا الخطاب عبر الانترنت ضد الأقليات غالبا ما يؤدي إلى ضرر شديد في العالم الحقيقي، قد يؤدي إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية‘‘.
أضاف فرناند أن خطاب الكراهية عبر الانترنت هو احد اكثر التحديات حدة اليوم لكرامة الانسان، ويجب ان تكون مبادرة مبتكرة وطموحة لتنظيم التعبير عبر الانترنت، ولا سيما خطاب الكراهية، وهو أمر ضروري للحماية الفعالة للأقليات الضعيفة في جميع أنحاء العالم.
تم إنتاج هذا التقرير، الذي نُشر في الأصل في صحيفة سودان بوست، من خلال تعاون وايامو المستمر مع شبكة من الصحفيين السودانيين كجزء من مشروعها المستمر “بناء قدرات المجتمع المدني وقطاع العدالة في السودان” الذي تم إطلاقه في مارس ٢٠٢٢. ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرة المجتمع المدني والجهات الفاعلة القانونية في السودان أثناء مشاركتهم في عملية العدالة الانتقالية. ويتم تدريب الأفراد على القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ويتم تزويدهم بالمعرفة اللازمة للتعامل مع قضايا الجرائم الخطيرة التي تعرض على المحاكم، بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية.