رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، ندوة ١٧ يوليو ٢٠٢٣، ورشة عمل ١٨- ١٩ يوليو ٢٠٢٣
بدعم مالي من وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية ووزارة الخارجية الهولندية.
فيديو ورشة العمل:
نيروبي بكينيا – ١٧ يوليو ٢٠٢٣، عقدت مؤسسة وايامو ندوة في نيروبي بكينيا احتفالًا باليوم العالمي للعدالة، وركزت الندوة على رصد انتهاكات حقوق الإنسان في السودان وتوثيقها، بالإضافة إلى الفظائع المستمرة في الدولة التي دمرتها الحرب والدعوة إلى تحقيق العدالة والمساءلة للضحايا.
كانت الندوة في كلية الدراسات العليا للإعلام والاتصالات بجامعة الآغا خان وحضرها العديد من الناس بما في ذلك أفراد من السودانيين في المهجر وخبراء دوليين وكينيين مشهورين ومحامين وممثلين عن المجتمع المدني في السودان وفي المنطقة على حد سواء.
افتتحت الندوة مديرة مؤسسة وايامو بيتينا أمباخ التي أكدت أنه بعد مرور ٢٥ عامًا على اعتماد المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية في ١٧ يوليو ١٩٩٨ لم تتضاءل أهمية مكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
“رُغم أننا نود الاحتفال باليوم العالمي للعدالة، فإننا نريد -بشكل أهم- التركيز على الحرب في السودان والجرائم الشنيعة والفظائع التي ترتكب يوميًا منذ اندلاع الأعمال العدائية في ١٥ أبريل من هذا العام”.
كرر خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر دعوته مؤكدًا أن أعمال العنف والفظائع المُرتكبة في السودان تجاوزت ما رآه خلال مسيرته الإنسانية التي استمرت ٣٠ عامًا، وأضاف قائلًا: “نحن بحاجة إلى تحقيق العدالة في السودان، فهذه ليست مسألة سياسية بل إنسانية”. وأشارت المحللة السودانية ومديرة مؤسسة كونفلوينس الاستشارية خلود خير إلى أن سبب اندلاع الحرب في السودان يعود إلى ظاهرة الإفلات من العقاب التي دامت لسنوات طويلة، وأن الحرب لم تشمل فقط قتال القوات المسلحة السودانية ضد ميليشيا قوات الدعم السريع، بل كلا الجانبين ضد الجهات الفاعلة في المجتمع المدني أيضًا، وقالت: “إن إنهاء الحرب ليس الأمر الوحيد الذي يجب فعله”، وأضافت: “فعلينا أن ننهي الحرب على المدنيين وفي النهاية نحقق المساءلة”.
تحدث الباحث في منظمة العفو الدولية الذي أجرى مؤخرًا بحثًا بين اللاجئين في شرق تشاد عبد الله حسن في حلقة نقاش عن تقديم لمحة عامة عن النزاع المسلح الحالي في السودان، مع التركيز على الجرائم المُرتكبة في غرب دارفور، وقال: “حددنا الجرائم المُرتكبة في غرب دارفور كالآتي: الهجمات المُدبرة للمدنيين، والأشخاص الذين تبادلوا إطلاق النار، وأعمال النهب والتدمير، وتمركز قوات الدعم السريع في المناطق المكتظة بالسكان”، وأضاف: “وانتشرت هذه الجرائم في عدة مدن ووقعت بنفس النمط”.
ركزت خبيرة العدالة الانتقالية والمحامية في المحكمة العليا في كينيا وعضو المجموعة الأفريقية للعدالة والمساءلة بيتي مورونجي على النضال الطويل من أجل المساءلة في السودان، وقالت: “إننا نحتفل باليوم العالمي للعدالة، ولكن بعد مرور ٢٠ عامًا على ظاهرة الإفلات من العقاب في دارفور، ثمة فظائع جديدة تحدث ولا توجد عدالة على الإطلاق”.
وأضافت أن الحل الوحيد لمكافحة الإفلات من العقاب قد يكمن في استخدام أحكام الولاية القضائية العالمية لملاحقة مرتكبي العنف، وقالت: “لا يجب أن نفكر في أن المحكمة الجنائية الدولية قادرة على حل جميع مشاكلنا”، وأضافت: “إن الولاية القضائية العالمية هي وسيلة جيدة لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب، وهي الحل للقيود التي تفرضها المحكمة الجنائية الدولية، والحل لتعزيز أنظمتنا القضائية الوطنية بحيث يمكن تحقيق العدالة على أرض الواقع”.
أثناء حلقة النقاش حول تصنيف الجرائم الدولية في السودان بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أشار رئيس قسم المشاركة والتعويضات للضحايا في المحكمة الجنائية الدولية، فيليب أمباتش، إلى صعوبة محاكمة هذه الجرائم، وسلط الضوء على مثال جريمة الإبادة الجماعية حيث يحتاج المدعون العامون إلى أدلة لإثبات استهداف الأشخاص بسبب انتمائهم إلى جماعة معينة وليس لأسباب أخرى، مثل احتلال قطعة أرض متنازع عليها.
ركزت حلقة النقاش الأخيرة على الوعد بتحقيقات مفتوحة المصدر يمكن إجراؤها حتى عندما يكون الباحثون خارج منطقة النزاع، وضمت خبراء من منظمتي نيومونك وجيسا اللتين شاركتا في تأسيس الأرشيف السوداني الذي يُعد أكبر أرشيف للجرائم المرتكبة في السودان منذ عام ٢٠١٩، وفقًا لما قالته أحد العاملين في نيمونيك، محاسن دهب.
قال الباحث في منظمة نيمونيك مايكل السندي: “نحن نلجأ إلى التحقيق مفتوح المصدر عندما يصعُب الوصول إلى المعلومات”، مشيرًا إلى أن مثل هذه التحقيقات تساعد في الحد من نقص المعلومات، وأضاف: “إن المعلومات مفتوحة المصدر هي إحدى الحلول لإثبات الجريمة”.
أعقب الندوة ورشة عمل لمدة يومين لممثلي منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين السودانيين المغتربين وركزت على توثيق الجرائم الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان لتحقيق المساءلة في المستقبل، وحضر هذه الندوة خبراء من المحكمة الجنائية الدولية والعاملين بنيمونيك والأرشيف السوداني ومن بحث في مجال توثيق حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي ودور التحقيقات مفتوحة المصدر على نطاق واسع وفي السودان.