يواجه اللاجئون السودانيون الراغبون بالوصول إلى دولة يوغندا عبر جنوب السودان صعوبات كبيرة، حيث تحدثوا عما وصفوه بإجراءات قاسية تجاههم.. وقال محمد علي (إسم مستعار) إنّ أفراداً يرتدون الزي النظامي يقومون بتفتيش المسافرين وإجبارهم على دفع مبالغ مالية عالية.
وحكي محمد علي قصة مأساوية واجهته هو وأُسرته حيث تم إنزال أطفاله في منطقة نمولي، وهي منطقة حدودية بين جنوب السودان ويوغندا، حيث طُلب منه دفع ٥٠ دولار على أي جوازسفر، مشيراً إلى أن عدد افراد أسرته خمسة، لذلك طُلب منه دفع ٢٥٠ دولار.. وأضاف أن تكلفة قيمة قضاء الليلة الواحدة في غرفة بأحد فنادق جوبا تبلغ ٢٥ ألف جنيه جنوب سوداني (يساوي ٤٠ دولار)، بينما تبلغ تذكرة البص من جوبا إلى كمبالا ٥٥ ألف جنيه جنوب سوداني (ما يعادل ٩٠ دولار).
في ذات السياق، شكا المواطن أحمد آدم (إسم مستعار) من معاناة السودانيين في الدخول إلى دولة جنوب السودان عبر طرق الرنك وأويل والميرم، بسبب الإجراءات التي يمارسها بعض الموظفين لدولة جنوب السودان، رغم صدور قرار من الرئيس سلفا كير ميارديت، منذ بداية الحرب، بإعفاء السودانيين من التأشيرة “الفيزا”، وحتى فى حالة عدم وجود الأوراق الثبوتية.
وقال أحمد آدم بأنه بالرغم من قرارات الرئيس سلفاكير، يواجه السودانيون معاناة كبيرة، منذ رحلتهم الطويلة من شمال البلاد إلى جنوب السودان وتتمثل في مسألة دفع أموال طائلة رغم وجود الفيزا والجواز الساري المفعول، كما أنه يتم إجبار الشخص على دفع أموال في كل نقطة تفتيش، كما يتم اخضاعهم لتفتيش شخصي، فضلا عن تعرض عدد من السودانيين لعمليات مصادرة أموالهم بدون إجراءات قانونية. وأوضح أنه من خلال الرحلة من جوبا إلى كمبالا، يمر السودانيون عبر ٣ الى ٦ مناطق تفتيش، يتم فيها دفع مبلغ يتراوح ما بين ١٠ إلى ٣٠ ألف جنيه جنوب سوداني، في كل منها، حتى في حالة اكتمال كل الإجراءات الرسمية.
بينما شكا لاجئون سودانيون في دولة يوغندا من تردي الوضع المعيشي في عدد من المخيمات.. وقالت فاطمة محمد ( اسم مستعار) وهي لاجئة سودانية، وصلت يوغندا في يوليو ٢٠٢٣، قادمة من الخرطوم، إن “صعوبات جمة” تواجه أعداد كبيرة من اللاجئين في المخيمات منها النقص الحاد في الغذاء.. وأوضحت أن إدارة المخيم الذي تعيش فيه تُقدّم وجبة غير كافية من الأطعمة السائدة في يوغندا، ورأت بأنها أطعمة غير معتادة للسودانيين، مما يسبب حالات إسهال وسط كبار السن والأطفال..
واشتكت فاطمة محمد من غياب ملحوظ فى دعم المنظمات الدولية، علاوة على قِلّة المرافق الصحية، وهو ما فاقم من الأوضاع الصحية خاصة للأطفال.. وانتقدت تجاهل المنظمات الدولية، وعدم وقوفها على معاناة السودانيين داخل المخيمات، بحجة غياب أو ضعف الدعم الذي توفره الدول لمنظمات الإغاثة الإنسانية. وتحدثت اللاجئة السودانية عن عدم تمكُّنها من إلحاق أطفالها بالمدارس لصعوبات مالية تحول دون ذلك.
تحدث القانوني السوداني عبد الله محمد ابراهيم، عن وجود تحديات قانونية وعملية كبيرة لمكافحة الابتزاز. مضيفاً: “إنّ إيقاف هذا الابتزاز في الوقت الراهن، شبه مستحيل لأسباب عديدة..وقال: “لا يوجد – حالياً – في السودان دولة قانون بالمعنى المعروف، حتى في المناطق التي لا تشهد نزاع عسكري، كولاية النيل الأبيض، مما جعل الاستغلال والإبتزاز ثمة عامة في هذه الحرب، مشيراً إلى أنّ استغلال اللاجئ يبدأ من قائد المركبة، الذى يقوم بزيادة سعر تذاكر الرحلة كيفما شاء دون رقيب أو حسيب، مرورا بالقوات النظامية التي تتمركز على طول الطريق حتى حدود جودة الشمالية.
ومضي القانوني السوداني في حديثه قائلا: “بعد دخول النازح إلى دولة جنوب السودان، يتواصل الإبتزاز، حيث يكون تحت رحمة بعض منسوبي القوات النظامية فى دولة جنوب السودان، وقد تؤخذ منه أموال لتدخل جيوب أفراد هذه القوات، وليس خزينة الدولة، لأنهم لا يمنحون الشخص المسافر أي إيصال مالي، كما أن الأموال التي تؤخذ من المسافرين غير ثابته”. ونبّه لصعوبة محاربة ظاهرة الإبتزاز المالي في هذه المرحلة، مالم تقم السلطات الرسمية فى السودان وجنوب السودان بإنشاء أجهزة رقابة فاعلة، وما لم يتم تفعيل القوانين والإتفاقيات التي تحمي اللاجيء وتحفظ حقوقه وكرامته الإنسانية.
ويُذكر أنّ الحرب العنيفة في السودان، أجبرت ما يزيد عن السبع ملايين شخص على النزوح داخل السودان أو البحث عن اللجوء خارجه، وهذا الوضع جعل النازحين واللاجئين يعانون من أوضاع معيشية صعبة بسبب ضعف تدخل المنظمات الإغاثية، وظاهرة الإبتزاز التى يقوم بها موظفون عموميون، دون مكافحة مطلوبة من الدول.