حسب اللجنة الاوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب، يطرح خطاب الكراهية مخاطر جسيمة علي تماسك المجتمع وحماية حقوق الانسان، وسيادة القانون، لذا ينبغي ان تهدف مكافحة خطاب الكراهية الي حماية الافراد والمجتمع بدلا من معتقدات او ايدولوجيات او اديان معينة، لا ينبغي استخدام القيود المفروضة علي خطاب الكراهية لإسكات الاقليات، وقمع انتقاد السياسات الرسمية او المعارضة السياسية او المعتقدات الدينية.
يتفق المهتمون والمتابعون ان محاربة هذه الظاهرة يجب أن يتكاتف الجميع حولها، من مؤسسات الدولة الي المجتمع المدني، والادارات الاهلية، كما ان للإعلام دور ايجابي في صناعة راي عام ضد خطاب الكراهية ومحاربتها حتى تصل الي مرحلة، يقتنع الجميع بأن لا فائدة من الترويج لهذا الخطاب الضار والقميء.
يقوم موقع مكافحة خطاب الكراهية ’’ Challenge the hate speech ‘‘ بتعريف مصطلح خطاب الكراهية أنه يضم أي تعبير عن الكراهية التمييزية تجاه الاشخاص علي اساس جانب معين من هويتهم، ويمكن لخطاب الكراهية” أن يشكّل خطرًا بوجه خاص حين يسعى إلى تحريض الناس على العنف تجاه مجموعات مهمشة، إنما، حتى في أشكاله الأقل حدّة، مثل حالات الشتم المتكرر أو الافتراء أو الصور النمطية المؤذية التي قد تنشئ بيئات مشحونة بالحقد وتؤدي الى تداعيات سلبية. وخطاب الكراهية” قد يشعر من يعاني منه بأن كرامته مهانة باستمرار وهذا قد يلحق نوعًا من الأذى النفسي به ويساهم في تعزيز نطاق تهميش الفريق المستهدف اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، لذا يجب الاعتراف بخطورته بكل انواعه، والعمل علي تأمين الحماية الكافية لحقوق الانسان يتطلب التصدي للكراهية بكل اشكالها.
في ذات السياق، يري البعض ان خطاب الكراهية يؤجج الصراع، يقود فعلا الي تآكل العدالة، في ذات الوقت، يؤدي الخطاب إلى تفاقم التوترات، وتقويض الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة والمساءلة، نتيجته تسميم العقول والتحريض على العنف، وما يحدث الان في السودان له عواقب بعيدة المدي مدمرة وجروح عميقة في نسيج المجتمع السوداني، وهذا يشكل تهديدا خطيرا للعدالة، والمساءلة في البلاد، ما يمكن لمرتكبي أعمال العنف، وانتهاكات حقوق الإنسان من الافلات من العقاب.
في ظل انتشار هذا الخطاب المدمر في حالة مثل السودان، غالبا ما يتم اسكات ضحايا خطاب الكراهية او تهديدهم، اما يمنعهم من تحقيق العدالة عبر القنوت القانونية المتعارف عليها، مما قد يهيئ الوضع لانتشار ثقافة الخوف وعدم الثقة، ويستبعد بطريقة ممنهجة لتعزيز فرص المصالحة والشفاء. ويرفض مناهضو خطاب الكراهية تقسيم المجتمعات علي اسس عرقية ودينية وسياسية، لان التحريض علي العنف وتعزيز الكراهية يؤدي الي الانتقام، والانتقام المضاد، وتجريد مجموعات كاملة من الناس من الانسانية، وما حدث من مجازر في ولاية غرب دارفور ابرز دليل علي النتائج المباشرة لخطاب الكراهية.
إن خطاب الكراهية منتشر، ومتجذر بعمق باستخدام وسائل الإعلام التقليدية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والشبكات غير الرسمية، حيث أصبح متاحًا لجمهور أوسع مما جعله أمرا طبيعيًا في الخطاب العام، ومن الصعب جدًا معالجته ومواجهته. ولمكافحة خطاب الكراهية في السودان يجب؛ تعريف خطاب الكراهية وتجريمه، وتنظيم وسائل الإعلام، ورفع مستوى الوعي حول مخاطر خطاب الكراهية. كما يجب أن يتمكن ضحايا جرائم الكراهية من الوصول إلى العدالة.
يري الناشط السياسي في منظمات المجتمع المدني ادريس عبد الله هارون ان هناك انواع عديدة لخطاب الكراهية في السودان؛ سياسي وديني وعرقي. ان خطاب الكراهية السياسي يهدف الي شيطنة المعارضين من اجل تمرير العنف، اضافة الي خطاب الكراهية الديني القائم علي المعتقدات المختلفة، ويعمل خطاب الكراهية علي التحيز العرقي لتشجيع التهميش والتمييز، وفي هذا الشأن، يجب ان تعمل كل الاطراف من اجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني، والادارات الاهلية للحد من انتشار هذا الخطاب عبر كل الوسائل القانونية المتاحة، والعمل الجاد علي تجريمه بالدستور عبر سن قوانين تعاقب المتورطين.
يطالب ادريس من جميع السودانيين بالعمل سويا في هذا المجال، لان البلاد تمر بمرحلة حرجة تحتاج للعقول التي تدرك خطورة هذا المنحى الخطير الذي يبث من خلال هذا الخطاب المدمر، والاتجاه الي دعم ثقافة السلام، وقبول الاخر، والتسامح والتعبير عن الآراء المختلفة والمتعددة، والتوضيح الهام للسودانيين ان الكراهية تؤدي الي تفتيت الوطن وتمزيقه.
حسب ما اشار اليه موقع صحيفة الصيحة، في رصدها لندوة خطاب الكراهية، بعنوان ’’ ظاهرة تنخر في جسد المجتمع السوداني‘‘، في يناير ٢٠٢٣، حينها اعترف الاستاذ الجامعي والمحلل السياسي راشد التجاني، ان الخطاب اتنشر بصورة كبيرة في كل الجوانب من الحياة السياسية والعلاقات الاجتماعية، وأن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في انتشار خطاب الكراهية وسط المجتمع، مطالبا بضرورة إيجاد حلول لهذه الظاهرة لآثارها السلبية الكبيرة على المجتمع، بجانب أنها تؤدي إلى تفكك، وهدم النسيج الاجتماعي، من خلال اندلاع الحروب والنزاعات. وتطرق الي اهمية معالجة القضية عبر التكثيف الاعلامي للتوعية بخطورة هذا الخطاب، والتصدي يتطلب سن تشريعات وقوانين صارمة ورادعة بقدر حجم الظاهرة.
في الختام، يجب توعية الجمهور بأهمية احترام التعددية وبالمخاطر التي يشكلها خطاب الكراهية، مع ابراز الطبيعة الزائفة لأسسه، حسب ورقة اللجنة الاوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب في ورقتها مكافحة خطاب الكراهية، وهذا من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة. كما يجب العمل على مكافحة المعلومات المضللة، والصور النمطية السلبية والوصم، والعمل على اعداد برامج تثقيفية خاصة بالأطفال، والشباب والموظفين، وعامة الناس. وهناك حاجة ماسة لتشجيع الاستجابة السريعة للتوصيات العامة تجاه خطاب الكراهية، ليس من اجل ادانتها فحسب، بل كذلك من اجل توطيد القيم التي يهددها خطاب الكراهية، وتعزيز وتسهيل الابلاغ عن حالات استخدام خطاب الكراهية من قبل الاشخاص المستهدفين والشهود.