مركز العدالة الإلكتروني الخاص بالسودان: أخبار وموارد حول النزاع وأدوات لمعالجة إنتهاكات حقوق الإنسان

تعاطي دولي باهت لماذا يواجه السودانيون الحرب وحدهم

وفاق التجاني | سلاميديا | ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٣

يواجه السودانيون أوضاع إنسانية سيئة في معسكرات النزوح داخليا، ويصادف ذلك ضبابية في تفسير اتجاهات الحرب الدائرة في الخرطوم وبعض ولايات السودان، ورمادية في تعاطي المجتمع الدولي مع هذه الأوضاع ليترك المواطن تحت مطرقة العسكر وسندان الجوع، المرض، وسَوء التغذية.

تقبع عدد من ولايات السودان تحت وطأة الجوع وسوء التغذية، والمرض، وتشير تقارير رسمية لمنظمة الصحة العالمية تفشي وباء الكوليرا في ولاية القضارف،ووفاة عدد ١٦ حالة. وظهور حالات للأسهالات المائية في ولايتي الخرطوم وجنوب كردفان.

 وكشف مصدر مطلع في ولاية القضارف إن الحالات المعلن عنها في الإعلام لا تمت للواقع بصلة، ووصف الوضع بانه كارثي وافاد ان مئات المواطنين يواجهون الموت خاصة الحوامل والاطفال بسبب الملاريا وحمى الضنك َيحدث هذا وسط تكتم حكومي متعمد.

فيما صرح المنسق العام لمعسكرات النازحين َواللاجئين بدارفور ادم رجال، عن تفشي حالات سوء التغذية، والاوبئة للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.

مشيرا ان النازحين في المعسكرات يعتمدون بشكل أساسي على برنامج التغذية من قبل منظمة برنامج الغذاء العالمي (WFP)، وقال انه وبسبب الحرب الدائرة الآن تم تدمير عدد كبير من المؤسسات المدنية بما فيها الصحية والعلاجية، ومؤسسات الأمم المتحدة ومقرات المنظمات الدولية ومخازنها العاملة في دارفور، مما تسبب في أزمة حادة في نقص الغذاء، والذي انعكس سلبا على المقيمين في هذه المعسكرات.

 قال مارتن غريفيثس منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة في بيان صحفي في ١٥ أكتوبر إن الحرب أدخلت السودان في أحد أسوأ كوابيس الأوضاع الإنسانية في التاريخ الحديث.

وأشار غريفيثس إلى استمرار سفك الدماء والعنف والتقارير المروعة عن حالات الاغتصاب والعنف الجنسي التي لا تتوقف وتزايد الاشتباكات على أسس عرقية وخاصة في دارفور.

وقال إن عمال الإغاثة ما زالوا يواجهون عراقيل في الوصول إلى المحتاجين بسبب انعدام الأمن والقيود، مع قتل أو احتجاز ما لا يقل عن ٤٥ من العاملين في المجال الإنساني منذ منتصف أبريل – جميعهم تقريبا من الموظفين السودانيين.

وأضاف وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية: “حتى في المناطق التي يمكننا الوصول إليها يعاني العاملون في المجال الإنساني من نقص التمويل، حيث لم يتم تلقي سوى ٣٣% فقط من مبلغ ٢،٦ مليار دولار المطلوب لمساعدة المحتاجين في السودان هذا العام”

ويواجه السودانيون في الحرب التي اندلعت في أبريل ٢٠٢٣ هذه التحديات إضافة الى الكوارث الطبيعية الفيضانات والأمطار بنظام صحي منهك، ومستهدف بشكل رسمي من قبل القوات العسكرية، حيث أصدرت نقابة أطباء السودان بيانا ٢٣ يونيو ٢٠٢٣ تؤكدة فيه خرَوج ٧٠%من المستشفيات المتاخمة لمناطق العمليات العسكرية في العاصمة والولايات عن الخدمة، من أصل ٨٩ مستشفى أساسية.

واستنكر عدد من القانونيين و المراقبين للأوضاع الانسانية في السودان، تعاطي المجتمع الدولي ودول الجوار مع ازمة السودان، وارجعوا ذلك لعدة عوامل سياسية واقتصادية واخرى دبلوماسية.

وقال القانوني عبد الباسط الحاج أن في هذه الحرب تم انتهاك عدد من القوانين التي تحفظ كرامة الأفراد، من بينها القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي والتي خلفت أوضاع بالغة التعقيد.

واضاف باسط “هناك عدد من الانتهاكات متعلقة بحصار المدنيين، وقطع الإمداد ويحدث ذلك في المناطق التي تسيطر عليها احد القوات العسكرية دائما، وكذلك معاملة الاسرى معاملة غير انسانية، و إجبار المدنيين على القتال، والتطهير العرقي والجماعي الذي حدث في الجنينة، واستخدام الاغتصاب كسلاح، اضافة الى نهب الممتلكات والاعتقالات العشوائية”.

فيما أفاد الرئيس السابق للمفوضية القومية لحقوق الانسان رفعت الامين ان السلطات خلقت أزمة ثقة بينها وبين المانحين سواء من خلال إدارتها للمساعدات أو من خلال العوائق والعراقيل التي وضعتها أمام دخول المنظمات والأفراد العاملين فيها أو العراقيل المتمثلة في تقييد حركة عمل المنظمات الموجودة أصلا بالسودان.

وأشار رفعت الامين ان النزاع المسلح القائم في السودان اثر بشكل كبير وسريع على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، وتضرر ما .يزيد عن العشرين مليون شخص في السودان من آثاره.

وقال رفعت “كان واضحا أن استجابة المجتمع الدولي كانت أقل من التوقعات، اذ كان متوقعا أن يضخ المجتمع الدولي مساعدات مباشرة متمثلة في اغاثة الأشخاص في مناطق الصراع والأشخاص النازحين ومساعدات غير مباشرة تتمثل في مساعدة الدول التي استقبلت الآلاف من اللاجئين السودانيين، وبالأخص دول الجوار، “.

وأضاف الرئيس السابق للمفوضية القومية لحقوق الإنسان ” لكن الواقع أن المساعدات الإنسانية التي قدمت للداخل قليلة مع شبه انعدام المساعدات المقدم من المانحين لدول الجوار”.

واردف رفعت ” بالطبع هنالك عوامل أخرى لشح هذه المساعدات أهمها البيروقراطية والتعقيدات الإدارية والأمنية المتخذة من قبل سلطات الأمر الواقع في بورتسودان، مشيرا ان هذه السلطات فشلت فشلا واضحا في التعامل مع الأزمة وآثارها ، كما فشلت في ادارة المساعدات التي قدمت بالفعل للسودان.

وقال الخبير في العلاقات الدولية راشد محمد علي، أن ما يحدث الآن في السودان يعتمد بشكل اساسي على موقعه الجغرافي، مشيرا ان السودان الآن في منطقة تمثل عمق الصراع الاستراتيجي.

وأكد راشد أن السبب الأساسي وراء ضعف تعاطي دول الجوار مع الأزمة الإنسانية هي تقاطع المصالح مع هذه الدول، من حيث الحلفاء الاقتصاديين والسياسيين، وفي حال توحد هذه المصالح ستكون هناك ردود أفعال مختلفة، لافتا أن الدول تستخدم كروت ضغط متنوعة من بينها تغذية الصراعات والحروب وممارسة الضغط عبر المنابر الدولية.

ولمح راشد لأن منظمات العمل التطوعي في السودان المعنية بتوزيع الإغاثة وانشاء المستشفيات في اماكن الايواء لن تستطيع العمل بشكل سلس ميدانيا، مشيرا أن الصراع السياسي الحالي كان يستهدف وجود هذه المنظمات بشكل أساسي.

وفي ٢٣ يوليو طلبت عدد من المنظمات غير الحكومية من السودان التعاون في استخراج تأشيرات دخول للدولة لمباشرة عملها الإنساني، وقالت في رسالة لحكومة البلاد “إننا نناشدكم بشكل عاجل دعمكم وتدخلكم في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، لا سيما في التغلب على المشكلة الحاسمة المتمثلة في طلبات التأشيرة المعلقة و إخطارات السفر والموافقات للمنظمات غير الحكومية الإنسانية”.

 وأضافت هذه المنظمات أنه يتطلب الوضع الحالي في السودان اتخاذ إجراءات إنسانية فورية – فقد قُتل الآلاف، ونزح ما لا يقل عن ٣ ملايين آخرين، ويتعرض ملايين آخرون للمرض والجوع ومخاطر أخرى. مشيرة انه تمكنت بعض وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها من الحصول على عدد صغير من التأشيرات، ولفتت أنه يوجد حاليًا أكثر من ١١٠ طلبات للحصول على تأشيرة المنظمات غير الحكومية الإنسانية معلقة إلى أجل غير مسمى، والعديد منها مضى عليه أكثر من شهرين حتى الآن، ولم تحصل العديد من المنظمات غير الحكومية على تأشيرة جديدة واحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية”.

وللسودان تاريخ سيء مع منظمات العمل الإنساني حيث واجهت اكثر من ١٣ منظمة اغاثة دولية ومحلية الطرد في العام ٢٠١٦ من قبل الحكومة بقيادة عمر البشير والذي تم عزله بانتفاضة شعبية في العام ٢٠١٩.

وواجهت هذه المنظمات تهم التجسس لصالح المحكمة الجنائية الدولية، بعد نشر الأخيرة مذكرتي توقيف في العام ٢٠٠٩ و ٢٠١٠ بحق الرئيس عمر البشير واتهمته بالتورط في جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي حدثت في دارفورَ.

واندلعت الحرب في ١٥ نيسان/أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – وأدت إلى مقتل ٩٠٠٠ شخص وتهجير أكثر من ٥،٦ مليون من ديارهم واحتياج 25 مليونا إلى المساعدات الإنساني، وذلك بحسب تقرير منسق الامم المتحدة للاغاثة الطارئة مارتن غريفثس في ١٥ أكتوبر ٢٠٢٣.

تم إنتاج هذا التقرير، الذي نُشر في الأصل في صحيفة سلاميديا، من خلال تعاون وايامو المستمر مع شبكة من الصحفيين السودانيين كجزء من مشروعها المستمر “بناء قدرات المجتمع المدني وقطاع العدالة في السودان” الذي تم إطلاقه في مارس ٢٠٢٢. ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرة المجتمع المدني والجهات الفاعلة القانونية في السودان أثناء مشاركتهم في عملية العدالة الانتقالية. ويتم تدريب الأفراد على القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ويتم تزويدهم بالمعرفة اللازمة للتعامل مع قضايا الجرائم الخطيرة التي تعرض على المحاكم، بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية.

مؤسسة وايامو هي منظمة مستقلة غير ربحية تأسست لتعزيز سيادة القانون، وتعزيز العدالة في قضايا الجرائم الدولية، وتعزيز الشفافية من خلال بناء القدرات القضائية، والوساطة، والصحافة المستنيرة.
نحن ممتنون للغاية للدعم المالي السخي المقدم من وزارتي خارجية هولندا وألمانيا. نحن نقدر حقًا الثقة التي أظهرها مانحونا في عمل وايامو في ومن أجل السودان.
نحن ممتنون للغاية للدعم المالي السخي المقدم من وزارتي خارجية هولندا وألمانيا. نحن نقدر حقًا الثقة التي أظهرها مانحونا في عمل وايامو في ومن أجل السودان.
© Wayamo Foundation. All rights reserved.