مركز العدالة الإلكتروني الخاص بالسودان: أخبار وموارد حول النزاع وأدوات لمعالجة إنتهاكات حقوق الإنسان

بين القانون والانتقام ومفهوم العدالة في السودان

تقرير: معزة صالح

يمثل مفهوم العدالة في السودان قضية معقدة تتداخل فيها القوانين الرسمية مع الأعراف المجتمعية وممارسات الانتقام. وبينما ينص القانون السوداني على نظام قضائي يجمع بين الشريعة الإسلامية والقوانين المدنية، إلا أن ضعف المؤسسات القضائية وانتشار الفساد جعلا تحقيق العدالة أمرًا صعبًا. في ظل هذه الأوضاع، يلجأ البعض إلى أساليب بديلة مثل الثأر أو الجودية (العدالة التصالحية)، مما يعكس التناقضات العميقة في المشهد العدلي في السودان.

القانون بين ضعف التطبيق وتأثير الصراعات

يعاني النظام القضائي السوداني من مشاكل مزمنة تتراوح بين نقص الاستقلالية والفساد، وصولًا إلى عدم قدرة المحاكم على التعامل مع الجرائم الكبرى، خاصة في ظل النزاعات المسلحة. ومع اندلاع الحرب الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ازدادت وتيرة الفوضى، حيث باتت المؤسسات القضائية غير قادرة على القيام بدورها في العديد من المناطق.
في مناطق النزاع، مثل ولاية الجزيرة، لجأ المواطنون إلى الانتقام كوسيلة لتحقيق العدالة، حيث تحولت عمليات القتل إلى دائرة من الثأر المتبادل، وسط غياب أي جهة قانونية يمكنها الفصل في النزاعات.

العدالة التصالحية: حل مؤقت أم عائق لتحقيق العدالة؟

في بعض المناطق، لجأت المجتمعات إلى تقاليد “الجودية”، وهي نظام للعدالة التصالحية يعتمد على شيوخ القبائل والزعامات المحلية لحل النزاعات. ورغم أن هذا النظام نجح في تخفيف بعض التوترات، إلا أنه يظل غير كافٍ لمعالجة القضايا الكبرى مثل جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

العدالة الانتقالية: طريق محفوف بالتحديات

مع التحولات السياسية التي شهدها السودان، برزت العدالة الانتقالية كآلية لمعالجة إرث الانتهاكات، إلا أن هذا المسار يواجه تحديات كبيرة، من بينها عدم توفر إرادة سياسية حقيقية، وضعف البنية القضائية، والانقسامات المجتمعية التي تعيق أي جهود شاملة لتحقيق العدالة.
لتحقيق العدالة في السودان، هناك حاجة إلى إصلاحات جذرية تشمل:
1. إعادة هيكلة القضاء لضمان استقلاليته وفعاليته في التعامل مع الجرائم.
2. إنهاء الإفلات من العقاب من خلال محاكمات عادلة لمرتكبي الجرائم الكبرى.
3. تعزيز العدالة الانتقالية عبر آليات تضمن محاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا.
4. دعم المصالحة المجتمعية من خلال الجمع بين العدالة الرسمية والجهود المحلية للتخفيف من النزاعات.
لا يمكن للسودان أن يحقق سلامًا مستدامًا دون نظام عدالة قوي وعادل. وبينما تظل العدالة الرسمية هدفًا بعيد المنال في ظل الفوضى الحالية، فإن تعزيز القضاء وإيجاد حلول مجتمعية أكثر عدالة يمكن أن يكونا خطوة نحو مستقبل أفضل، حيث تكون العدالة حقًا للجميع، وليس امتيازًا لمن يملكون القوة.

مؤسسة وايامو هي منظمة مستقلة غير ربحية تأسست لتعزيز سيادة القانون، وتعزيز العدالة في قضايا الجرائم الدولية، وتعزيز الشفافية من خلال بناء القدرات القضائية، والوساطة، والصحافة المستنيرة.
نحن ممتنون للغاية للدعم المالي السخي المقدم من وزارتي خارجية هولندا وألمانيا. نحن نقدر حقًا الثقة التي أظهرها مانحونا في عمل وايامو في ومن أجل السودان.
نحن ممتنون للغاية للدعم المالي السخي المقدم من وزارتي خارجية هولندا وألمانيا. نحن نقدر حقًا الثقة التي أظهرها مانحونا في عمل وايامو في ومن أجل السودان.
© Wayamo Foundation. All rights reserved.