خليل أحمد | السودانية | ٩ نوفمبر ٢٠٢٣
منذ تفجر الصراع، بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع، في ١٥ ابريل ٢٠٢٣ تعيش الصحافة السودانية، في ظروف بالغة التعقيد حيث مارس أطراف النزاع، انتهاكات واسعة تجاه الصحفيين تنوعت بين الاعتقال، و تقيد حرية الحركة بجانب الاعتداء بالضرب و القتل.
يسرد الصحفي ياسر عركي، أوضاع يصفها بالمأساوية، يعيش فيها الصحفيين المتواجدين، في مناطق الصراع.
وإن الظروف كل يوم تزداد ضيق و تعقيد، والسلطات تمارس تعتيم غير مسبوق، على الإعلام، بجانب التضييق على الصحفيين والإعلاميين، وحرمانهم من إمكانية ممارسة المهنة بشكل واضح.
مشيراً إلى أن المنع من العمل، خلف أوضاعاً اقتصادية صعبة عليهم، خاصة الذين لديهم أسر وما تفرضه عليهم من التزامات واجبة، وهم يحتاجون حقيقةً للعون المالي، لإدارة أمور الحد الأدنى من ضروريات الحياة، في ظل عدم جود دخل، بسبب المنع من العمل بجميع وسائل العمل الصحفي، سواء بالكتابة، او بالكلمة، او بالتصوير.
وأضاف: ” نحن نموت بالبطيء” هذا إلى جانب، إنهيار صحة البيئة، والخدمات الصحية المنعدمة او المتردية في مراكز الإيواء، والذي يضم العشرات من الصحفيين النازحين.
حيث تنتشر الأمراض والوبائيات، مثل امراض الكوليرا، والملاريا، والحميات، التي تهدد حياتهم.
عركي يقول: إن السلطات تمنعهم وتحظر عليهم، حتى من نقل هذه الأوضاع الصعبة، التي يعيش فيها المواطنين، بسبب هذه الحرب العبثية اللعينة، من خلال واقع يعيشون فصوله المأساوية عياناً يومياَ.
ومن خلال ذلك يطالب الصحفيين، بحقهم في ممارسة مهنتهم، والحصول على المعلومة، وتمليكها للجمهور، وهو حق من صميم مهنتهم، وفق و”الدستور، القانون” السوداني؛ والقانون الدولي الانساني والمعاهدات ذات الصلة، بميثاق الأمم المتحدة.
والتضيق وإعاقة العمل للصحفي يكون في الحصول على إذن مسبق للدخول لمناطق تواجد النازحين.
والأمر يستغرق أشهر، للحصول على تصديق، ولا يحصلون عليه في أخر الأمر.
وأضاف: “المنع الغرض منه عدم نقل الأوضاع السيئة، التي يعيش فيها السودانيين “.
وأضاف: أنهم يتعرضون للاعتقال، و التخوين والتهديد، لذلك المنطقة التي يتواجدون فيها غير آمنة، وتصدر قوائم بها صور لصحفيين يوصفون بأنهم” طابور” من أجل إسكات الصحفيين، و تخوفيهم من نقل الحقائق على الأرض في ظل هذه الحرب العبثية.
فيما يقول: نقيب الصحفيين السودانيين، عبد المنعم ابو ادريس، إن الانتهاكات التي تحدث للصحفيين السودانيين، الهدف منها الحد من حريتهم، ومنعهم من أداء مهاهم، و هذا ما يغيب ويحجب من نقل الاخبار بشكل مستقل و تمليكها للجمهور.
وأضاف: أبو إدريس لـ ( ) أن أطراف النزاع لايريدون طرف محايد على الأرض لينقل الواقع؛ مشيراً إلى أن الإنتهاكات بجانب أنها، تحد من نقل المعلومة بحرية كحق للصحفيين. تعد إنتهاك للقانون الدولي الانساني، الذي ينص صراحة علي حماية الصحفيين وحفظ حقهم الإنساني في الحياة.
وحول حوادث القتل التي حدثت للصحفيين، كالصحفية حليمة أدريس، التي دُهست من قبل قوات الدعم السريع، و المصور الصحفي عصام مرجان، الذي وجد مقتولاً في منزله بمنطقة يسيطر عليها الدعم السريع.
يقول: نقيب الصحفيين أن النقابة طالبت الجهات المعنية بإجراء تحقيق ولكن حتى الآن لم يحدث شئ.
اما عضو سكرتاية شبكة الصحفيين السودانيين سليمان سري يقول: إن هنالك تراجع في مؤشر حرية الصحافة في السودان، عقب انقلاب ٢٥ اكتوبر بشكل مريع بعد أن حدث تقدم محدود عقب ثورة ديسمبر ٢٠١٨.
وشهدت الفترة الانتقالية هامش، من الحريات لم ينعم، به الصحفيين المهنيين، فقد تعرضوا لتضييق في تحركاتهم بشكل سافر.
بينما مارس فيها منسوبي النظام البائد حالة من الفوضى، ساهمت في تقويض الفترة الانتقالية، ببث خطاب الكراهية والعنصرية، وزرع الفتنة الدينية والقبلية وممارسة التضليل الإعلامي، وفبركة الأخبار، ولم تتوقف الاعتداءات على الصحفيين، ومحاولات السلطة في فرض قيود على الصحفيين ومراسلي الفضائيات، ووكالات الأنباء العالمية ورصد تحركاتهم، ومنعهم من الوصول لموقع الحدث والحصول على المعلومة، وبالتالي انتهاك حقهم في التغطية الصحفية بمهنية والحصول على المعلومة.
ويضيف سري لـ ( ) أن الصحفيون يواجهون أبشع أنواع القمع إذ تعدت مصادرة الحق في الحصول على المعلومة ومنعهم من آداء واجبهم إلى التعدي عليهم بالبطش، والتعذيب ومن جهات متعددة، تمثلت في قوات الدعم السريع، وبعض الحركات المسلحة المتحالفة مع السلطة الانقلابية، بحجة الحفاظ على اتفاق سلام جوبا.
إضافةً إلى معاودة جهاز الأمن والمخابرات “سئ السمعة” نشاطه في مواجهة الصحفيين.
في المقابل استطاع الصحفيون تنظيم أنفسهم في التصدي لسياسات السلطة الانقلابية، والدفاع عن حرية الصحافة.
وقد ساهمت شبكة الصحفيين السودانيين، بقدرٍ كبير في تنظيم حملات إعلامية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأخرى، وبإقامة الندوات وإصدار البيانات الرافضة لكآفة أشكال الانتهاكات الممارسة في حقهم والتعدي على حرية الصحافة.
خلال فترة الحرب يقول: سري ” هنالك قيود وتوسع في إصدار أوامر بالقبض على الزملاء الصحفيين، من قبل الشرطة بهدف إذلالهم ومعاملتهم وكأنهم مجرمين هاربين من العدالة، فلم تتوقف الاعتقالات التعسفية والاستدعاءات المتكررة والتهديدات وتعريض حياة الصحفيين للخطر. وأن السلطات تخلت عن مسؤولياتها في حماية الصحفيين”.
ويطالب سري السلطات بالالتزام بالاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الانساني، الذي يلزمها بحماية الصحفيين، والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، واصفاً مقتل الصحفية حليمة إدريس سالم، بأنه تصعيد خطير في سلسلة الانتهاكات، والجرائم البشعة التي اعتادت على ارتكابها قوات الدعم السريع.
والتي ظلت ترتكب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بانتهاكها المتعمد للقانون الدولي الإنساني، وهي رسالة لإسكات وتخويف الصحفيين وإرهابهم ومنعهم من التصوير وتوثيق الحقائق والوصول للمتضررين واستطلاع آرائهم، وفرض حالة من التعتيم الإعلامي لإخفاء الحقائق خاصة في أعقاب قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية.
فيما يقول الخبير القانوني محمد بدوي أن السودان موقع على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية حيث توجد المادة ١٩ التي تتحدث عن حرية التعبير والصحافة، وحق الحصول على المعلومات وبموجب هذا التوقيع فهو ملزم بثلاث التزامات وهي الوفاء ، الاحترام وضمان التنفيذ لكن خلال هذا النزاع فشل أطراف النزاع في الإلتزام بهذا العهد.
يضيف بدوي بأن القانون الدولي الانساني توجد به مواد تكفل حماية المدنيين والاعيان المدنية بجانب حماية المدنيين الذين لديهم أعمال خطرة أثناء النزاع ومن ضمنهم الصحفيين حيث خصصت المادة ٧٩ لذلك الأمر بجانب المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الثاني و القانون الدولي العرفي.
ويشير الى القانون الدولي الانساني الذي يحتوي على مواد تكفل حماية المدنيين والاعيان المدنية خلال النزاع المسلح وحماية المدنيين الذي لديهم اعمال خلال النزاع المسلح ومنهم الصحفيين و يجب توفير حماية لهم بموجب هذا القانون.
وأضاف “رغم كل هذه المواد التي تحمي الصحفيين إلا أن أطراف النزاع تتجاهل الأمر؛ حيث مورست إنتهاكات واسعة مثل تحويل مقرات اعلامية لقواعد عسكرية، بجانب أعتقال الصحفيين و قتلهم، والانتهاكات شملت المدن التي بها عمليات عسكرية، و حتى المدن خارج دائرة المعارك” .
تم إنتاج هذا التقرير، الذي نُشر في الأصل في صحيفة السودانية، من خلال تعاون وايامو المستمر مع شبكة من الصحفيين السودانيين كجزء من مشروعها المستمر “بناء قدرات المجتمع المدني وقطاع العدالة في السودان” الذي تم إطلاقه في مارس ٢٠٢٢. ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرة المجتمع المدني والجهات الفاعلة القانونية في السودان أثناء مشاركتهم في عملية العدالة الانتقالية. ويتم تدريب الأفراد على القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ويتم تزويدهم بالمعرفة اللازمة للتعامل مع قضايا الجرائم الخطيرة التي تعرض على المحاكم، بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية.