يعاني اللاجئون السودانيون في معسكر “قوز بيضة” بدولة تشاد من نقص متواصل في الخدمات الأساسية متمثلاً في نقص الغذاء والدواء، وتوفير مأوى إنساني للسكن لهم. فرغم المناشدات والتواصل المتكرر مع الجهات ذات الصلة، إلا أن الأوضاع لا تزال كما هي، وإن استمرار الصراع في السودان زاد من معاناتهم.
وعلى الرغم من أن الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق اللاجئين، إلا أن المنظمات عليها بذل المزيد من الجهود في سبيل مساعدة اللاجئين وتوفير حماية إنسانية لهم في دولة تشاد التي تستضيفهم.
وفي هذا السياق، نبهت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن الوقت يمر بسرعة، مشيرة إلى أنها تحتاج بشكل عاجل إلى ٨٠ مليون دولار، لتغطية الاحتياجات الفورية والمتمثلة في بناء ثلاثة مواقع إضافية مزودة بالخدمات الأساسية والبنية التحتية بهدف نقل ١٥٠ ألف من الوافدين الجدد، وتزويدهم بالمأوى والغذاء والمياه النظيفة والوصول إلى الخدمات الصحة والتعليمية في معسكرات اللجوء في تشاد.
تري القيادية النسوية، أمينة إسحاق، أن أوضاع اللاجئين في مخيم “قوز بيضة” تحتاج إلي نظرة خاصة من قبل المجتمع الدولي، خاصة في ما يتعلق بتقديم المساعدات، وأضافت أمينة، أن دور منظمة الغذاء العالمي، وأطباء بلا حدود، قليل جدا، بسبب أعداد اللاجئين المتزايدة، مطالبة المجتمع الدولي أن يقوم بدوره الإنساني والاخلاقي تجاههم في المخيم في أسرع وقت من ممكن.
وفي حديثها عن الدور المنظمات، تشير أمينة إلى أهمية التزام المنظمات الدولية والمحلية في توفير المعينات والاحتياجات للفارّين من القتال في السودان، خاصة من الإقليم الغربي في البلاد، وعملها علي توفير الحماية لهم، إضافة إلى رفع الفظائع المرتكبة بحقهم وشكواهم إلى أجهزة العدل الدولية والاقليمية لمقاضاة ةالمتورطين في هذه الحرب.
تشير أمينة ايضاً إلى أن الضحايا الناجين من المجازر، يحتاجون إلى جلسات دعم نفسي متواصل من الجهات ذات الاختصاص، وتحديدا من الأخصائيين النفسيين والعاملين في الحقل الاجتماعي، من أجل امتصاص الصدمات التي يواجهها هؤلاء الأبرياء العزل، مؤكدة أن هذا الدور الانساني لن ينجح إلا في حالة تكاتف الجهود بين منظمة الصحة العالمية، وأطباء بلا حدود، مضيفة أن دورهم المعروف في مجال الدعم النفسي، لا يزال بطيئا للغاية حتى الآن.
وتوضح أمينة، أن الناجين من الحرب، شهدوا قصصا مروعة وقاسية جدا، باعتبارهم من أكتر الفئات عرضة للأزمات النفسية، لما شاهدوه من مآسي وفظائع في غاية القسوة، وبالتالي فإن التواصل مع هذه الفئة، يأتي على نفس مستوى التعامل مع نقص المساعدات التي يحتاج إليها، مؤكدة أن الدور الأكبر في هذا المجال يقع على المنظمات المحلية بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية.
اتفافية عام ١٩٥١ الخاصة بوضع اللاجئين، بدأت عملية وضع مجموعة من القوانين والاتفاقيات والمبادئ التوجيهية التي تضمن حماية اللاجئين في الشطر الأول من القرن العشرين فى ظل عصبة الأمم، وهى؛ الهيئة الدولية التي سبقت الأمم المتحدة، وبلغت ذروتها يوم ٢٥ يوليو ١٩٥١، عندما وافقت الجمعية العامة لعصبة الأمم الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
وتعتبر اتفاقية عام ١٩٥١ وبروتوكولها لعام ١٩٦٧ المتعلق بوضع اللاجئين حجر الأساس لقانون اللجوء، ويكمّل كل من القانون الدولي للجوء، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، الممثلة في الحماية والرعاية، وتقديم المساعدات العاجلة الهامة للاجئين في أوقات الحروب والأزمات.
أوضحت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في نداءها الإنساني لعام ٢٠٢٤ من أجل مساعدة اللاجئين في شرق تشاد، بأنها تعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تم تأمين ١٠٪ فقط من المبلغ المطلوب حتى الآن والبالغ ٢١٤،٨ مليون دولار، وأشارت إلى أنها بحاجة ماسة إلى ٨٠ مليون دولار لتلبية احتياجاتهم، واستيعاب ١٥٠ ألفا من اللاجئين الجدد، بينما صرحت منظمة الهجرة الدولية في ٢٥ يونيو ٢٠٢٤ بأن أكثر من ١٠ ملايين شخص قد نزحوا داخل وخارج البلاد منذ بداية الحرب.
وبحسب إحصائيات مفوضية اللاجئين، فإن أكثر من ٥٥٣ ألف لاجئاً جديداً من السودان وصلوا إلى تشاد بحلول منتصف فبراير الماضي، مما يجعل تشاد أكبر مضيف للاجئين الفارين من جحيم الحرب في السودان منذ أبريل ٢٠٢٣، ليصل اجمالي عدد اللاجئين في ربوع تشاد ١.١ مليون لاجئ وفقا لإحصاءات المفوضية. وبحسب الإحصائيات الرسمية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن ٩٠٪ من اللاجئين يمثل النساء والأطفال، ما قد يعرّض العديد منهم لانتهاكات جنسية، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجسدي. كما عبرت المفوضية في مارس الماضي عن قلقها المتزايد إزاء عبور المزيد من اللاجئين إلى تشاد من دارفور، وسط نقص حاد في الغذاء وغيره من المواد الضرورية.
قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن تشاد بحاجة ماسة إلى المزيد من الدعم الدولي لمساعدتها على التعامل مع الزيادة في أعداد اللاجئين القادمين من السودان، واطلع غراندي على الوضع الإنساني المتردي على أرض الواقع، داعياً إلى بذل جهود دولية لتوفير ما يلزم للاجئين. كما كشف فيليبو عن بذل الشركاء في المجال الإنساني جهوداً كبيرة لضمان وصول الخدمات الأساسية مثل الصحة، والمياه النظيفة، والغذاء إلى الأشخاص المحتاجين، لأن المنطقة تستضيف الآن حوالي ٤٠٠ ألف لاجئ من دارفور، موضحا أن التدفق جديد للاجئين يشكل ضغطاً على الموارد والمجتمعات المضيفة.
كشف الناشط إبراهيم آدم، عن أن اللاجئين السودانيين بمعسكر الجبل بولاية قوز بيضة بشرق تشاد، يعانون من أوضاع إنسانية في غاية الصعوبة، في ظل شح في المعونات الخدمية في المعسكر، الذي يضم الآلاف من اللاجئين. ويرى إبراهيم، أن اتفاقية ١٩٥١ تعطي اللاجئ حرية العقيدة والتنقل من مكان لآخر والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وفرص العمل، مشددا على أهمية التزاماته / التزاماتها تجاه الحكومة المضيفة، موضحا أن أحد الأحكام الرئيسية فى هذه الاتفاقية ينص على عدم جواز إعادة اللاجئين قسرا.
ويوضح إبراهيم أيضاً، أن اللاجئين في “قوز بيضة” ينقصهم الكثير من المأكل والمشرب والمسكن، في ظل تزايد الأعداد للفارين من الحرب، مناشدا جميع الأطراف المعنية، بما فيها منظمات المجتمع المدني المحلية بتقديم لمساعدات العاجلة لهم.
وفي ذات السياق، يُبيّن عبدالله خميس محمد داوود، الباحث الاجتماعي والناشط السياسي من محلية “فوربنقا” بولاية غرب دارفور، أن عدد اللاجئين السودانيين في “قوز بيضة” وحدها، يقدر بحوالي ١٩ ألف لاجئ، مشيراً إلى أن اللاجئين يواجهون مشاكل في الإيواء، وأنه لا يوجد منظمات تعمل في الحقل الإنساني في المعسكر، مما أدى إلى تراكم المشاكل الاجتماعية وسطهم، مناشدا المجتمع الدولي بالنظر إلى الوضع المزري بالمعسكر.
في ذات السياق، أوضح الناشط في مجال حقوق الإنسان، إدريس عبدالله، أن الصراع في السودان أجبر أكثر من ٦٠٠ ألف شخص – غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال – على الفرار إلى تشاد يونيو الماضي، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مشيراً إلى وصول أكثر من ١١٥ ألف شخص مع بداية عام ٢٠٢٤ ، وأضاف إدريس أن تدفق اللاجئين لا يظهر أي علامات على التراجع.
في ذات السياق، تقول الناشطة إبتهال هارون من معسكر “قوز بيضة” إن اللاجئين السودانيين في حاجة إلى مساعدة عاجلة، حيث إن هناك شبه توقف لتدفق المساعدات في المأكل وخاصة الأدوية للمرضى – منذ شهر ديسمبر٢٠٢٣ – بما في ذلك كبار السن، والنساء الحوامل، والأطفال حديثي الولادة، مضيفةً أن هذه الفئة تمثل الأكثر تأثرا في نقص الأدوية، ويجب معالجة هذه الجوانب المهمة التي تساعد في إنقاذ حياتهم.
وفقا لكيلي كليمينتس، نائبة المفوض السامي لشؤون اللاجئين اثناء زيارتها لتشاد، لتفقد العمليات ومناقشة جهود الاستجابة مع المضيفين، فإن المسؤولين التشاديين يشعرون قلقا كبيرا بشأن وصول المزيد من الأسر السودانية إلى بلادهم في السنة الأولى من الأزمة الحالية. وأوضحت كيلي أن المفوضية ركزت بالتعاون مع السلطات، على نقل اللاجئين السودانيين بعيداً عن الحدود إلى مناطق أكثر أماناً، حيث تم نقل حوالي ٢٦٠ ألف شخص إلى مواقع جديدة، فيما وسعت المفوضية المواقع القديمة لتشمل الوافدين الجدد، فيما يوجد حالياً ١٦٠ ألف لاجئ بانتظار نقلهم إلى مناطق أخرى.