بروز خطاب الكراهية في الفترة الاخيرة، يسبب بعض الهواجس والمخاوف للمتهمين بالشأن العام السوداني، اضافة الي الحرب الدائرة بين الجيش السوداني ومتمردي الدعم السريع، ادت الي اشعال هذا الفتيل، ابرز دليل علي ذلك، القتل علي اساس العرق في حاضرة ولاية غرب دارفور الجنينة، ما كان قتل المليشيات العربية للمساليت الا علي هذا الاساس، لذا، يجب ان لا يتم تجاهل هذا الخطاب في الوقت الراهن، بسبب خطورته علي مستقبل السودان.
خطاب الكراهية، حسب التعريف علي موقع منظمة الامم المتحدة، يشير الي الكلام المسئ الذي يستهدف مجموعة او فرد بناء علي خصائص متأصلة ’’ مثل العرق او الدين او النوع الاجتماعي ‘‘ والتي قد تهدد السلم الاجتماعي، واما خطة الامم المتحدة بشأن خطاب الكراهية تعرفه، بانه اي نوع من التواصل الشفهي او الكتابي او السلوكي الذي يستخدم لغة ازدرائية او تمييزية بالاشارة الي شخص او مجموعة علي اساس الهوية، او علي اساس الدين او الانتماء الاثني او العرق او اللون الي اخره.
في اطار جهود محاربة خطاب الكراهية، اطلق الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش في يونيو ٢٠١٩، خطة عمل، وخارطة طريق لكيفية دعم المنظمة لجهو الدول واستكمالها، تؤكد علي الحاجة الي مواجهة الكراهية بشكل شامل، وفي ظل الاحترام الكامل لحرية والرأي، والتعبير، مع العمل بالتعاون مع اصحاب المصلحة بالمعنيين، بما في ذلك، منظمات المجتمع المدني، ووسائل الاعلام، وشركات التكنولوجيا، ومنصات التواصل الاجتماعي.
خطورة هذا الخطاب علي الجميع، حسب منظمة الامم المتحدة شهد العالم العديد من الفظائع الجماعية، وفي العديد من الحالات، تم تحديد خطاب الكراهية، علي انه تمهيد للعديد من الفظائع الجماعية، تري ان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية لنشر الكراهية يعتبر حديث نسبيا، مثلا، الابادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا عام ١٩٩٤، بسبب عقود من خطاب الكراهية الذي ادي الي تفاقم التوترات العرقية من خلال نشر شائعات لا اساس لها، وتجريد التوتسي من صفة الانسانية، الي جانب المعلومات المضللة الي الوصم بالتمييز، والعنف علي نطاق واسع.
يوضح المحامي والباحث القانوني عبدالباسط الحاج في هذا الشان، من اخطر الخطابات التي تغذي الحروب وتشعلها، هي خطاب الكراهية التي تقوم علي اساس الجنس، والاثنية، والقبيلة او اللون او الدين، يقول ان هذا جزء من الاشكال الذي يتخذه خطاب الكراهية، حيث يقوم علي تعبئة الاطراف، وجعلهم اهداف يجب التخلص التخلص منهم بشكل نهائي.
يوضح عبدالباسط ان خطاب الكراهية يترتب عليه ابشع انواع الجرائم، بحيث تشكل جريمة الابادة الجماعية، واحدة من اخطر نتائج خطاب الكراهية، اضافة الي ذلك، يترتب عليه فصل عنصري، وتمييز سلبي، او تنميط يفضي الي ظلم صارخ او استبعاد اجتماعي فظ.
يضيف عبدالباسط خطاب الكراهية في جميع المجتمعات، الا انه يختلف من مجتمع لاخر بحسب مستوي التعليم، و الضوابط التي تضعها الدولة من خلال القوانين الصارمة التي تجرم خطابات الكراهية، و تحاسب عليها، و قد تتخذ كذلك هذه الضوابط شكل سياسات عامة تضعها الدولة للحد من تنامي نزعة التمييز ، و التعالي مقابل المساواة، و العدالة في توزيع الفرص و المواطنة علي أساس الحقوق و الواجبات.
بينما يقول احمد بن الاسود مدير مركز الامم المتحدة للاعلام لبلدان الخليج بالمنامة، بان اسوأ الفظائع الجماعية في التاريخ الانساني كان يغذيها خطاب الكراهية تجاه مجموعة من السكان، بما في ذلك الفئات الضعيفة، مما كان يعزز التمييز والتهميش، مشيرا الي ان هذه الجرائم المروعة لم تكن حتمية، ولسوء الحظ لم يتم سماع المناشدات اليائسة للضحايا، لانه تم تجريدهم من الانسانية نتيجة لخطاب الكراهية، ويجب تذكر الماضي، باعتباره امر بالغ الاهمية من اجل حماية المستقبل.
يشير احمد الي امر مهم للغاية، تحديدا في عالم اليوم، حيث يشهد العالم عودة مقلقة لمظاهر كراهية الاجانب، والعنصرية والتعصب، والامر الاكثر اثارة للقلق هو ان تقنيات الاتصال الجديدة قد جعلت تاثير الكراهية اكثر تدميرا، من اي وقت مضي، موضحا يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي ان تنشر خطاب الكراهية كالنار في الهشيم، وتعمل علي تقسيم الناس، وتهدد السلام العالمي، لا يوجد مجتمع او بلد في العالم في مامن من لا عقلانية الكراهية، بما في ذلك العالم الافتراضي.
اكد احمد ان الامم المتحدة لها تاريخ طويل في حشد العالم ضد الكراهية بجميع انواعها للدفاع عن حقوق الانسان، وتعزيز سيادد القانون، ويمتد تاثير خطاب الكراهية الي مختلف المجالات التي تركز عليها الامم المتحدة، بما في ذلك حماية حقوق الانسان، ومنع الفظائع، وتعزيز السلام، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتتصدي الامم المتحدة للكراهية من خلال، تنفيذ مبادرات تثقيفية، وحملات الخطاب الايجابي، وفهم الاسباب الجذرية ومعالجتها، اضافة الي تعزيز الاندماج والمساواة في الحقوق.
يري مسرور اسود، مفوض حقوق الانسان في العراق ان خطاب الكراهية تصنعه وتسببه عوامل عديدة، تبدأ من التربية الاسرية، تليها المدرسة، اوضح ان ما يتسبب في انتشار خطاب الكراهية الخطاب الديني المتشدد، وتساعد في ذلك ايضا وسائل الاعلام، و التواصل الاجتماعي التي اصبحت المنبر الاول الان لخطاب الكراهية، باعتبارها وسيلة اعلام مجانية للجميع، ايضا غياب التشريعات التي تعاقب علي بث خطاب الكراهية في الدول العربية.
يقول مسرور ان اخطر خطابات الكراهية هي التي تستند الي البعد الديني او العقائدي، كون صاحبه يعتقد خطا انه بكراهيته للمخالف في الدين يتقرب الي الله، بل يصل الامر ببعض من يتطرف في كراهيته للاخر ان يسلك سلوكا عنيفا تجاهه، هذا السلوك يقود الي ارهاب حقيقي مكتمل الاركان يعمل فقك علي اقصاء الاخر ونبذه، ويصر علي انهاء وجوده بشكل كامل.
نفذ التضامن السوداني لمناهضة التمييز العنصري (تسامي) بالتعاون مع منظمة فريدم هاوس، في شهر ابريل الماضي، وقفة من أمام المحكمة الدستورية، وحتى نصب الشهيد عبدالفضيل ألماظ في إطار محاربة العنصرية وخطاب الكراهية، وذلك لرمزية المحكمة في تحقيق العدالة، ورمزية البطل، وتمسكه بسودانيته عندما سئل خلال المحاكمة عن قبيلته.
وأشارت إيمان فضل السيد، وهي إحدى المشاركات في المسيرة، الي الحاجة لوقف خطاب الكراهية والعنصرية الذي أصبح يهدد تماسك الدولة السودانية، ومشروع الدولة الوطنية، وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة، ويعيق العدالة الانتقالية، ونوهت لدور الاعلام في هذا الصدد فضلاً عن دور مراكز البحوث في رصد هذا الخطاب وتحليله لتحديد جذوره الاجتماعية والاقتصادية.
بينما يروي الناشط ادم هارون سردية تاريخية عن الابادة الجماعية في سريبرينيتشا في البوسنة والهرسك، بسبب الدعاية القومية المستمرة من خلال وسائل الاعلام الموالية للحزب ادت الي شيطنة السكان المسلمين البوسنيين، اضافة الي دور حملات الكراهية والتضليل في التحريض علي جرائم الحرب واضفاء الشرعية عليها في حرب البوسنة ما بين ١٩٩٢- ١٩٩٥، وكاعدا يتامرون ضد الصرب، وهذا المشهد يتكرر الان في ولاية غرب دارفور، خاصة استهداف قبيلة المساليت علي اساليب قبلي بحت ومحاولة ابادتهم.
قال هارون، قام المتطرفون الصرب باسكات صوت المعارضة، في ١٩٩٥، في ذلك الوقت، قتلت القوات الصربية في غضون ايام قليلة ٨٠٠٠ رجل وصبي من المسلمين البوسنيين في سيريبرينيتشا، هي بلدة تقطنها اغلبية مسلمة في شرق البوسنة، وتم اعلانها منطقة امنة تحت حماية الامم المتحدة، حسب التقارير للامم المتحدة خلفت حرب البوسنة اكثر من ١٠٠ الف قتيل ٢٠ الف مفقود، والان تقوم المجموعات العربية باستئصال المساليت من اراضيهم التاريخية في المنطقة.
تم إنتاج هذا التقرير، الذي نُشر في الأصل في صحيفة سودان بوست، من خلال تعاون وايامو المستمر مع شبكة من الصحفيين السودانيين كجزء من مشروعها المستمر “بناء قدرات المجتمع المدني وقطاع العدالة في السودان” الذي تم إطلاقه في مارس ٢٠٢٢. ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرة المجتمع المدني والجهات الفاعلة القانونية في السودان أثناء مشاركتهم في عملية العدالة الانتقالية. ويتم تدريب الأفراد على القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ويتم تزويدهم بالمعرفة اللازمة للتعامل مع قضايا الجرائم الخطيرة التي تعرض على المحاكم، بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية.