تشير الأمم المتحدة إلى أن “التضليل الإعلامي” يشمل نشر معلومات غير دقيقة أو مغلوطة، سواء بشكل عرضي أو متعمد، بهدف خداع الجمهور وإلحاق الضرر. قد تمارسه جهات حكومية أو غير حكومية، مما يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، تقويض الاستجابات للسياسات العامة، وتصعيد التوترات خلال الأزمات والطوارئ أو النزاعات المسلحة.
مع اندلاع حرب 15 أبريل 2023، تصاعدت حرب المعلومات المضللة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. يستخدم الطرفان أذرعهما الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر روايات تهدف إلى إبراز انتصارات تتماشى مع مصالحهما السياسية.
وقد أُصيب الرأي العام في كثير من الأحيان بالارتباك بسبب الكم الهائل من المعلومات المضللة والمثيرة للشكوك.
يوفر الدليل التقني لمكافحة المعلومات المضللة منصات وأدوات متخصصة تساعد الأفراد والمنظمات على التحقق من الأخبار والادعاءات.
تشمل هذه الأدوات:
1. Beam Reports: منصة سودانية تقدم تقارير استقصائية مدعمة بتحقق الحقائق.
2. Snopes: منصة عالمية رائدة في كشف الشائعات والمعلومات المضللة.
تساعد هذه المنصات على ضمان نزاهة الخطاب العام من خلال تقديم تحليلات دقيقة وأدوات تحقق شاملة.
نظمت شبكة إعلاميي جنوب كردفان بالتعاون مع مركز المجموعة للتدريب حملة توعوية في مدينة كادوقلي للتصدي لانتشار الشائعات التي تسبب ارتباكًا في الرأي العام. يلعب المجتمع المدني السوداني دورًا حيويًا في مكافحة المعلومات المضللة، التي زادت بشكل كبير بعد اندلاع الصراع الأخير، لما لها من آثار سلبية نفسية واجتماعية واقتصادية. من الضروري أن تسلط منظمات المجتمع المدني الضوء على الأدوات والاستراتيجيات لكشف الأخبار الكاذبة وتعزيز الروايات الصادقة، بما يساهم في استقرار البلاد.
يُشير المحامي عبد الباسط الحاج إلى أن التضليل الإعلامي قديم، لكنه توسع مع تطور التكنولوجيا ووسائل نقل الأخبار، حيث أصبح يتخذ أشكالًا متعددة مثل الفيديوهات والصور المزيفة. يؤكد الحاج أهمية تطوير أدوات الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني للتحقق من دقة الأخبار والصور المنشورة عبر الإنترنت.
كما يشدد على ضرورة محاسبة من ينشرون معلومات مضللة إذا ألحقت ضررًا بالآخرين، رغم التباين في التشريعات الوطنية.
يرى آدم فضل المولى، رئيس شبكة إعلاميي جنوب كردفان، ضرورة إطلاق حملات توعية لمواجهة المعلومات المضللة، خصوصًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويشير إلى أن الاستخدام السيئ لهذه الوسائل يؤدي إلى تفاقم هشاشة المجتمعات بدلًا من تعزيز السلام والتعايش.
يرى الناشط هارون عبد الله أن المعلومات المضللة تؤدي إلى سوء تفاهم بين المكونات الاجتماعية، وقد تثير صراعات عنصرية أو قبلية. يدعو عبد الله الدولة إلى اتخاذ موقف واضح بدلاً من التواطؤ مع الروايات المضللة، كما يناشد جميع الأطراف التعاون في مواجهة هذه الظاهرة التي تمزق المجتمع.
توصي شبكة الصحفيين الدوليين الصحفيين بالتركيز على فهم الروايات المضللة ككل، بدلًا من استهداف الجهات المروّجة لها فقط، لتحديد اضطراب المعلومات بشكل أكثر كفاءة ومواجهته بفعالية.
دعت الأمم المتحدة إلى التصدي للتضليل الإعلامي مع حماية حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات، وفقًا للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
على المؤسسات التقنية ضمان أن أنشطتها لا تنتهك حقوق الإنسان، مع الشفافية في سياساتها وممارساتها ذات الصلة بالتضليل الإعلامي.
كما يجب على الدولة تعزيز حرية التعبير والتعددية الإعلامية، وتجنب القوانين الغامضة التي قد تُجرّم المحتوى المشروع.
إشراك المجتمع المدني في صياغة السياسات العامة ضرورة ملحة لمواجهة التضليل الإعلامي، لضمان الوصول إلى معلومات دقيقة تسهم في استقرار السودان بدلًا من تفاقم الانقسامات.
